إن هذا العصر الذي نعيش فيه كما هو عصر الصواريخ و الذرة و الأقمار الصناعية و التحكم الآلي و التحكم عن بعد وما إلى ذلك مما أتت به الثورة التقنية والصناعية والعلمية, فإنه أيضاً عصر الاستخدام الواسع لمعطيات علم النفس. فقد أصبحت معطيات هذا العلم ونتائج أبحاثه ودراساته وتجاربه تستخدم على نطاق واسع, يستفاد منها في كافة مجالات الحياة ومناشطها, بما في ذلك مجالات الإدارة و الصناعة والعمل والإنتاج والتسويق والتوزيع والتدريب والتعليم وغيرها من المجالات, وبالنسبة للإدارة بالذات فإنها أصبحت بمفهومها الحديث تستخدم معطيات ومبادئ علم النفس في جميع عملياتها فهي تستخدم علم النفس في اتخاذ القرار, التخطيط ومتابعة الخطط, تنفيذ القرارات, متابعة الأعمال و تقييم الأعمال. وأيضاً في التأثير على العاملين مثل رفع روحهم المعنوية, حثهم على تنفيذ عمل معين, تجنيبهم التعب والملل, زيادة مشاركتهم وتفاعلهم مع القرارات, زيادة إنتاجيتهم وزيادة ولائهم للمنظمة.
إن ما يميز علم النفس الإداري عن غيره من فروع علم النفس أنه متخصص في العمل الإداري ومشاكله ومعوقاته وجوانبه المختلفة حيث يدرس ويحلل ويعالج قضاياه على أسس نفسية تستمد وجودها من معطيات بقية علوم النفس ذات الصلة به.
علم النفس الاداري
يعد علم النفس الاداري من اهم فروع علم النفس الحديث التي اخذت تحظى باهتمام متزايد من قبل كل الباحثين والدارسين في مجال الادارة على اختلاف اشكالها ومستوياتها لدورها الفاعل في تطوير اداء المؤسسة او المنظمين ورفع كفاءة ادائها والعمل على تحقيق اهدافها.
لذلك يمكن ان نعرف علم النفس الاداري بأنه العلم الذي يهتم بدراسة السلوك البشري في المجال الإداري دراسة علمية وذلك بقصد وصفه وتحليله وتصنيفه وفهمه وتفسيره ومعرفة أسبابه ودوافعه و بواعثه وضبطه والتحكم فيه وتوجيهه والتنبؤ بحدوثه في المستقبل والتوصل إلي القوانين التي تحكمه فهو كغيره من العلوم يصف ويحلل ويصنف ويفسر الظواهر التي يدرسها ويحاول ضبطها والتحكم فيها .
إن ما يميز هذا العلم عن غيره من العلوم هو أن الظواهر التي يدرسها هي في مجموعها ظواهر حيوية نفسية اجتماعية تتعلق بالموظف
الإداري ككائن يعيش في مجتمع معين وبيئة معينة ويتفاعل في جزء من حياته اليومية في مجال معين هو مجال الإدارة.
فالظواهر التي يدرسها هي ظواهر حيوية لأنها صادرة عن كائن حي وهي ظواهر نفسية لأنها تتعلق بالنواحي النفسية لهذا الكائن من أفكار ومشاعر وأحاسيس وميول واتجاهات ودوافع وحاجات وانفعالات وما شابه. وهي ظواهر اجتماعية لأنها تحدث في إطار اجتماعي معين تتأثر به وتؤثر فيه وهذه الظواهر الحيوية والنفسية والاجتماعية التي يدرسها علم النفس بكافة فروعه هي ما نسميه بالظواهر السلوكية.
وإذا كان لعلم النفس الإداري ما يميزه عن بقية فروع علم النفس فهو أن الظواهر السلوكية التي يدرسها ترتبط بالمجال الإداري وبالعمليات والأنشطة الإدارية وبمعالجته الكثير من القضايا في المجال الإداري مثل اختيار العاملين والمرشحين للعمل الإداري وتوزيع من تم اختيارهم للعمل الإداري ووضع كل منهم في العمل الذي يناسب قدراته وإمكاناته وميوله ورغباته.
كما ويتميز بدراسة الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على سلوك العاملين ودرجة إنجازه للأعمال الموكلة لهم وكذلك دراسة العوامل المسببة للإجهاد المهني والغياب والتأخر عن العمل وتحديد أحسن الطرق لتنظيم العمل الإداري وتوزيع اختصاصاته على مختلف إداراته وأقسامه وعلى العاملين في هذه الإدارات والأقسام ومتابعة العمل وتقييم نتائجه ودراسة مختلف سبل وفرص التفاعل التي تتم داخل جماعة العمل ومختلف العوامل ذات التأثير الإيجابي والسلبي على تماسك الجماعة العاملة في المجال الإداري وكذلك دراسة الفروق الفردية بين العاملين في الأجهزة الإدارية.
الطالبة اماني احمد الطراونة