خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

سننتظر حتى عام 2055 حتى يكشف لنا الملف البريطاني رقم 75375 تفاصيل اسرار اغتيال الملك عبدالله الاول

سننتظر حتى عام 2055 حتى يكشف لنا الملف البريطاني رقم 75375 تفاصيل اسرار اغتيال الملك عبدالله الاول

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

نعم .. سننتظر حتى عام 2055 حتى تقوم وزارة الخارجية البريطانية بالافراج عن الملف رقم 75375 الذي يضم وثائق هامة تتعلق بمؤامرة اغتيال الملك المؤسس عبدالله الاول في العشرين من تموز 1951م .. هذا الملف كان من المفترض الافراج عنه في عام 1980م اي بعد مرور ثلاثين سنة على حادثة الاغتيال، لكن بريطانيا لجأت الى قانون الوثائق لديها لعام 1958م بموجب الفقرتين 3، 4 وقررت تأجيل الافراج عن هذا الملف لمدة 75 سنة اخرى، اي ان الافراج عنه سيكون عام 2055م .. وايضا فإن هناك برقية خطيرة تم تأجيل الافراج عنها ارسلتها الخارجية البريطانية الى الملك عبدالله الاول اثناء زيارة له لاسبانيا تحذره من ان هناك مؤامرة لاغتياله ستنفذ في ميناء الاسكندرية وهو في طريق عودته الى بلاده، والبرقية هذه تحمل الرقم F.0/371 ضمن الملف رقم 75315، ونتيجة لهذه البرقية فإن جلالته غير مسار رحلته البحرية ليصل الى ميناء بيروت بدلا من الاسكندرية، وقد هرع رجالات الاردن وشيوخه لاستقبال الملك في ميناء بيروت، وكان هدف الشيوخ الاردنيين هو الدفاع عن الملك اكثر من استقباله في الميناء اللبناني.

اكثر من تساؤل تطرحه وثائق اغتيال جلالة الملك المؤسس ونحن نعرف قصة القتل ومجموعة المتآمرين المباشرين ونعرف أن المحكمة العسكرية الخاصة التي انعقدت قد أدت دورها المميز برئاسة القاضي وليد صلاح وعضوية حابس المجالي وعبدالقادر الجندي وحصلت المحكمة على تفاصيل دقيقة لعملية الاغتيال والتخطيط لها، وجميعها تفاصيل فنية، اضافة لتفاصيل سياسية ولكن يبقى الكثير مما لم ينكشف بعد.

فالاغتيال هو ليست قصة الخياط «شكري عشو» الذي تحرك من حانوته ظهر ذلك اليوم ليكمن خلف الباب الايمن لمدخل المسجد الاقصى، ليستقبل الملك برصاصة اخترقت صدغه الايمن، ولا قصة اولئك الذين اجتمعوا لينفذوا اوامر خارجية مقابل اجور ابتدأت بثلاثين دينارا.

فكم مرة تعرض الملك المؤسس لمحاولات اغتيال؟ ومن هم المتآمرون في كل مرة؟

ومن هم وراءهم؟

وما الهدف؟ ..

نجح جلالة الملك عبدالله الاول في وضع اسس دولة عصرية اردنية بدءا من عام 1921م ... ونجح رغم كل الضغوطات الاجنبية وتأثير الوكالة اليهودية والقوى المناهضة للعرب حتى من قوى عربية مناهضة للعروبة، من ان يعدل صك الانتداب على الاردن وفلسطين ليصبح الصك صكي انتداب منفصلين، وان يمنع الحاق ارض شرق الاردن بأي مخطط يستهدف اقامة دولة اجنبية، لتكون هذه الجهود التي اذا ما قرأناها بمنظور عام 2005م هي الاساس لدولة عصرية اردنية مستقلة ذات سيادة، وهي الاساس في تكوين دولة او البحث في تكوين الدولة الفلسطينية فيما بعد، فكان الاردن هو قلب الصراع، وهو محور هام في الجدل والحراك السياسي ومحاولات ايجاد الحلول والتسويات للوضع في ارض فلسطين، وحين استنفدت الحلول كل طاقاتها وصمتت كل الاذان لنصائح الملك عبدالله واحتكم العرب للحرب عام 1948م، كان الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله هو الجيش المحارب الذي منع احتلال الجزء الذي كان يدافع عنه حسب خطة حرب عام 1948م، وهو الجيش الوحيد الذي حافظ على ارض من ارض فلسطين، وهي الضفة الغربية والقدس الشرقية، لتكون هذه الارض الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن خمسة الاف كيلومتر مربع هي النواة لدولة فلسطين، واساس كل مفاوضات ...

هنا نقف قليلا ..

وحين نعيد ساعة الزمن الى الوراء .. فنجد ان اساس الحقوق العربية قد جاء من يوم جهاد الملك عبدالله في تعديل صك الانتداب عام 1922، وفي ارسائه لدولة دستورية قوية انتقلت من حكومة الشرق العربي عام 1923م الى الامارة على 1928 ثم الى المملكة السيادية الهاشمية الاردنية عام 1946م وبعدها الى المملكة بجناحيها الشرقي والغربي عام 1950م لتشكل هذه الحلقات منظومة واحدة عربية الهوى والألم صادقة التوجه والهدف، لا تبغي غير حق العرب ورمكانتهم.

اختار العرب الملك عبدالله الأول ليكون قائدا للجيوش العربية في حرب عام 1948م، فخاض العرب حربا مع عدو واحد شكلا، ولكن كان في حسابات البعض ان الملك عبدالله الاول وجيش الاردن هو في مصاف من تجب محاربته ايضا، ومن يجب ان يتم تقويض طموحاته واهدافه .. وهنا جاء تصريح احد الزعماء العرب حين قال صراحة «ليأخذ اليهود فلسطين لا أن يأخذها الملك عبدالله».

فكان قتال الجيش الاردني قتال الجندي المؤمن بربه المخلص لوطنه، وكانت قيادة الملك عبدالله قيادة الهاشمي الذي يريد الخير والصلاح لكل العرب، فهو القائد ذو الحق الشرعي والتاريخي في القيادة والحكم، وما اجتمعت هذه لزعيم او قائد فكانت هذه واحدة من اسباب القتل.

واجتمع في الاردن المحترف والشعب الاصيل، والصدق في المعاملة ونقاء السريرة، فكانت هذه غيظا وحسدا من آخرين والتقت مع اسباب القتل الاخرى.

ونجح الملك عبدالله الاول في اخراج وحدة الضفتين لتكون افضل نموذج لوحدة عربية صحيحة تحفظ الشعب وتنفذ الارض وتخطط للمستقبل، ووقف الاخوة في جامعة الدول العربية ضد هذه الوحدة وقرروا فصل الاردن من جامعة الدول العربية لولا تحفظ المملكة العراقية والمتوكلية اليمنية على القرار .. فكانت هذه سببا آخر يضاف من أجل القتل.

وحمل الملك عبدالله الاول الهم العربي، وبرز كقائد ومفكر اراد ان ينهض بالاردن كدولة عصرية، وان يقدم نموذجا ديمقراطيا وحضاريا للعرب جميعا في وقت فشل الآخرون في ذلك، فاجتمعت هذه مع كل الاسباب.

نصح الملك عبدالله الاول العرب جميعا للتعامل مع قرار تقسيم فلسطين رقم 181 تاريخ 29/11/1947 بموضوعية، وان ندرسه جيدا وان نعتمد سياسة «خذ وطالب» لنصل الى كل حقوقنا، وان الحرب ستكون خاسرة ليس لمرة واحدة بل لمرة ثانية وثالثة ورابعة، وصدقت توقعات جلالته وادرك العرب خسرانهم ومحدودية رؤيتهم للمستقبل، فكانت خطة الاغتيال حتى لا تستمر هذه الرؤية في النصح والرشاد المرفوض في ذلك الزمان.

كان جلالته يتألم لوضع العرب، ويتمنى ان تكون الموضوعية والعقلانية هي النبراس في العمل، ولا يخفي جلالته آلامه في كل مناسبة فقد كان على الطريق جنوب عمان ورأى قصر المشتى الأموي، واستذكر مجد أمية، وقال جلالته: العرب ايضا اذا لم ينتبهوا لزمانهم هذا ولمستقبلهم فيكون مصيرهم كبني أمية.

دبلوماسية مرنة وسياسة متوازنة وفطنة عربية تمتع بها الملك عبدالله الاول، وواقعية تجلت في تعامله مع الاحداث، فقد كان الوفد الاردني يجري مفاوضات في لوزان عام 1949م ويرعى هذه المفاوضات الوسيط الدولي «رالف بانش» وكان الوسيط يتنقل بين غرف الوفد الاردني وغرف الوفد الاسرائيلي في نفس الطابق في الفندق، فعلم الملك عبدالله الاول بذلك فضحك طويلا وقال لماذا لا يجلس الوفدان على طاولة واحدة ويبسطان اوراقهم ويبحثان في كل القضايا دون تنازل عن اي حق من الحقوق .. فكان ذلك فعلا.

وقصة اخرى عاشها الملك عبدالله عام 1947م، فقد التقى مع وزير الخارجية البريطاني المستر «بيفن» وسأله الوزير البريطاني: هل توافق على قرار تقسيم فلسطين؟ وكان السؤال بحضور السر «الك كركبرايد» ولكن الملك عبدالله صمت ولم يجب، فكرر المستر «بيفن» السؤال مرة ثانية، ولكن الملك استمر في صمته العميق، فألح «بيفن» في سؤاله وسأله الملك هل فهمت سؤالي؟ .. فانفجر الملك في غضبة قوية وقال ماذا تريدني أن اجيب، هل اقول لكم انني موافق على تقسيم فلسطين فتسمعون جوابي وتذيعونه على العالم عامة وعلى العرب خاصة فأجد الملايين الذين يتهموني بالخيانة والتفريط في حقوق امتي وبلادي، او اقول لكم انني غير موافق على التقسيم فاثيركم واواجه غضبكم واعرض نفسي لما سبق ان تعرض له والدي المرحوم الملك الحسين بن علي على ايديكم .. والى هنا انتهت المقابلة.

خزانة التاريخ مليئة بالوثائق التي تتحدث عن سيرة الرجل، وقصة الثورة معه وتاريخ الاردن والصراع الكبير والأمل القليل، ومتاعب الحكم وهم الأمة، وسعادة قليلة هي لحظات مرت في تاريخ.

انتهى الحسين بن علي بالنفي لمواقفه العظيمة الثابتة: لكن عبدالله الاول انتهى بالقتل؟ لقتل طموح أمة، ووقف مشاريع نبيلة، وافكار جليلة.

سيناريو القتل هو واحد .. ولعل الملفات السرية ارقام 9547 تاريخ 29/7/1949 و 844 لعام 1949 و «ي 9156 - 1026 - 80 تاريخ 26/7/1949 لعلها، او انها بالتأكيد تقود الى المؤامرة، «والملفات ليست بايدينا».

والملف 75375 والملف 75315 وملفات السيد موسى عبدالله الحسيني ارقام 73441، و 80123 والتي تروي تفاصيل الاتصالات والمراسلات والنفقات والتكاليف، وفيض من ارقام البرقيات السرية والملفات العديدة جميعها ستلتقي يوما لترسم قصة المؤامرة الحقيقية.

المؤامرة ندركها جميعا في جوارحنا ونعرف ان السيناريو واحد عبر التاريخ الهاشمي، وعبر تاريخ الاردن مرورا «بهزاع ووصفي» والهدف هو شموخ هذا الوطن وسنديانته العظيمة، وما يبقى ان نقول ان تفهم عقولنا وقلوبنا واصابع ايدينا واظافرنا وكل جوارحنا، وان نعي جميعا ان مسألة الاغتيال هي قضية مستمرة لن تتوقف، ويكفي ان نعود الى عناوين الصحف العربية الرئيسية ايام 21، 22، 23 تموز 1951 التي تناولت قضية الاغتيال لنقرأ في بعض العناوين «ان قتل الملك عبدالله قد تأخر 30 سنة» واخرى تقول «ان الهدف من الاغتيال هو القضاء على الاسرة الهاشمية» وغير ذلك.

يكفي ان نقف عند مثل هذه العناوين التي يتوق البعض لأن يقرأها من جديد .. فأين نقف الآن في خضم الحوادث الجارية، وسيل الهجمات الفضائية والارضية، فكيف سنكون السد والسند، وقدرنا هو قول الشاعر:

ولدت في جبهة الدنيا وفي فمها

تدور حيث يدور المجد والحسد

الملك الشهيد كان سعيدا في صباح تلك الجمعة، فرحا لأنه رعى تخريج اول فوج من الطيارين الاردنيين صباح الخميس، ورفض تحذير من مصدر مطلع بأن لا يذهب الى القدس لأن هناك مؤامرة .. واصطحب الحسين معه ليكون شاهدا على اقسى وأمر اللحظات، فكانت هذه صناعة رجولة وكأن الشهيد ارادها وهو يستقبل الموت.

قبل ساعة من استشهاده، سأل ناصر الدين النشاشيبي الملك لأن يهديه صورة شخصية، فأخرج الشهيد صورة من جيبه وكتب عليها شعرا يقول:

يا ناصر الدين خذها طلبة حضرت

تمثال شخصي لخلاني اذا رغبوا

كما رغبت وما من آمر أمرا

لو غاب جسمي فرسمي عندهم حضرا

آخر كلمات الشهيد، وقد غاب الجسم، واما الارث والنهج فهو موصول من الحسين الى الحسين ومن عبدالله الى عبدالله يسمو الوطن ويشمخ الاردن ويتعزز النماء وتستمر المسيرة نحو المعالي.

ولكن

لا يكفي ان نقول

حما الله الاردن

وان نقف عند ذلك

وان نسأل كل واحد منا

كيف سيحمي الاردن

ويقف الى جانب قيادته التاريخية والشرعية

ويقف الى جانب هذه الارث العظيم، ليبقى الاردن عظيما صادقا.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF