د. ادوارد عبيد - يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة في مختلف المجالات خصوصا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهذا يؤثر بطريقة أو بأخرى في المؤسسة التعليمية التي تؤثر وتتأثر بهذه التحولات. والمفهوم العام للتغيير يدل على أن التجديد يعني فكرة أو ممارسة أو تطبيقا، إدراك أمر جديد من قبل مجموعة لإحداث التحسن في ضوء أهداف مرغوبة ومخططة ومدروسة. ويعتمد نجاح التطوير على درجة عالية من التزام الطاقم في المبادرة والتغيير، ومن غير هذا الالتزام يصبح واضحاً بأن اجتهادات التغيير الفردية لن تؤتي ثماراً ملموسة على الصعيد التنظيمي العام، حيث أن تكاثف الطاقم وتفاعله مع عناصر التغيير الأساسية من شأنه الدفع بالتغيير ذي المعنى الجماعي. ومن أهم ما أكدت عليه الأبحاث في مجال التغيير التربوي هو وجود تفاعل وتعاون ودعم متبادل بين أعضاء طاقم التنظيم الواحد، ومن المتعذر أن يحدث هذا التعاون ما لم تكرس الطاقات التنظيمية اللازمة لبناء الانسجام الداخلي، وهي أحد الشروط الأساسية والكفيلة بدعم التطوير التربوي.
والنتائج المتوقعة من التغيير تعتمد على مصدر فكرة التغيير( من قدّم الفكرة؟ )، كيف حددت هوية التغير، مواصفات التغيير، أسلوب وطريقة تقديم التغيير والفئة المستهدفة من التغيير. وتشير نتائج الأبحاث إلى أن المؤسسات التربوية باختلافها لها ثقافات تنظيمية تميزها، والثقافات التنظيمية تقف أحياناً في وجه التغيير التنظيمي، وعليه، فإن الحجر الأساس في إحداث التطوير التربوي هو تغيير الثقافة التنظيمية، وذلك من خلال بناء حراك ومركز ثقل يدعم التغيير والتطوير في التعليم والتعلُّم. لذلك فان أهم استراتيجيات التغيير هو استخدام الإستراتيجية العقلانية في التغيير والتي تتمثل في اقتراح فرد أو مجموعة أفراد التغيير بطريقة عقلانية مناسبة ومرغوبة من خلال مبررات معقولة. وان رسم أهداف وأولويات غير واقعية من شأنه إحداث ردةفعل سلبية على التنظيم يدخله في حالة من الإحباط. لذلك فان التغيير يحتاج إلى عناصر التخطيط والضبط والتوجيه والتنظيم ، ويؤكد وايتWhite على الدور الجوهري للإدارة في مرحلة التطبيق وتوضيح أهداف التغيير وتحديد المصادر وإثارة الدافعية ودفع أفراد المؤسسة لتحقيق الأهداف المتفق عليها. ولا يشترط أن تكون فكرة التغيير نابعة من رأس الهرم الإداري. وإذا كان رأس الهرم الإداري مقدم فكرة التغيير عليه أن يقنع الآخرين بأهمية التغيير، وان هذا التغيير سيلبي الحاجات العامة والخاصة للمؤسسة.
ويعتبر التغيير مطلبا تربويا يتطلب من الذي يمتلك إرادة التغيير،تضييق الفجوة بين النظرية والتطبيق ويجب أن يمتلك الفرد معرفة نظرية وان يمتلك مهارة التطبيق، فكلما ضاقت الفجوة بين النظرية والتطبيق ازدادت القدرة على التغيير.
والمؤسسة الناجحة هي المؤسسة دائمة التغير، ولكن التغيير قد يكون مؤلما، ولكي يكون التغيير ايجابيا فان على من يقود فكرة التغيير أن يأخذ بالحسبان الامور التالية :
1. تجنب المفاجآت : عادة يتطلب التغيير المطلوب تغييرا في مهام وواجبات الموظفين او في طريقة وأسلوب الأداء، لذلك يتوجب إحاطة العاملين علما مسبقا بالتغيير المنوي إحداثه ليكون التغيير مألوفا ولكي يستعدوا لتقبل تأثيره عليهم. ولكن يجب الانتباه إلى خبرات العاملين في المؤسسة وتقبل تلك الخبرات وعدم إلغاء تلك الخبرات.
2. تفهم العاملين لحقيقة التغيير : يرتبط مفهوم التغيير عادة بالسلبيات الناتجة عنه، فقد تلغى بعض الوظائف أو تجرى عمليات نقل من مكان إلى أخر، لذلك على الإدارة أن تؤكد أن شيئا من تلك النتائج السلبية لن يحدث، وإذا تم ذلك فعلا يجب مصارحة العاملين بذلك ومبررات ذلك بطريقة ترفع من شأن العاملين لا أن تقلل من شانهم.
3. إشراك العاملين في التغيير : يجب مناقشة خطة التغيير مع العاملين في المؤسسة وفي مراحل تنفيذها وذلك لضمان التزامهم وكسب تأييدهم للخطة، لان عدم إشراك الموظفين في إعداد وتنفيذ الخطة والطلب من العاملين فقط التنفيذ، يعني شطب أفكار العاملين وبالتالي يتحرك العاملون كما لو أنهم آلة للتنفيذ فقط.
4. معرفة الأنظمة والقوانين : تتطلب إدارة التغيير معرفة واسعة ودقيقة بالأنظمة السائدة العامة والخاصة حتى يمكن تجنب الثغرات القانونية التي يمكن أن تنتج عن تعديل أو إلغاء أمور لها جوانب قانونية.
5. الكلفة المالية للتغيير : تتطلب إدارة التغيير اقتصادا في الامور المالية حتى لا تصبح الكلفة المالية عائقا في وجه التغيير.
والتغيير في النهاية هو عملية تجديد تظهر في وقت ما، قد تواجه عقبات، لذلك ينبغي أن تسير وفق مفاهيم نظرية علمية تطبق على ارض الواقع ، وكلما كانت المفاهيم النظرية محددة يمكن تقليل الفجوة ما بين النظرية والواقع. ويجب أن يكون التغيير قائما على احترام حاجات الأفراد ورغباتهم وتحقق الأمن الوظيفي لهم.
مدير مركز تدريب المعلمين في الأمانة العامة
للمؤسسات التربوية المسيحية في الأردن
ese591