محمود طافش الشقيرات - يدرك المعلم الناجح أهمية مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، فهم ليسوا على قدرٍ واحدٍ من القدرة على الاستيعاب والعمل ، لذلك فهو يأخذ هذه القضية بعين الاعتبار عندما يخطط لدروسه ، ويحدد استراتيجيات التدريس التي سيوظفها في تحقيق أهدافه .
وتبرز الفروق الفردية بين الطلبة نتيجة لعوامل وراثية وعوامل بيئية ، حيث تلعب الجينات الوراثية ودرجة تعليم كلٍ من الوالدين دوراً مهماً في تحديد درجة ذكاء الطفل، كذلك فإن للاختلافات في البيئة المنزلية ، وفي الخبرات والثقافات دورها في تكريس هذه الفروق ، كما ان لتعاون أولياء الأمور مع المدرسة دور مهم في توسيع أو تضييق الهوة بين مستويات الأطفال ، فمنهم من يتعاون مع المدرسة في تحقيق أهدافها ، ومنهم من يلقي العبء بأكمله على كاهلها ، فلا يستجيب لمتطلبات الدراسة بصورة كافية .
لذلك يعمد المعلم إلى الاستعانة بالتعليم المتمايز . فما المقصود بالتعليم المتمايز؟ وكيف يمكن للمعلم توظيفه في الموقف الصفي ؟
التعليم المتمايز هو تعليم يراعي قدرات وخبرات جميع فئات المتعلمين في غرفة الصف ويعمل لزيادة تحصيلهم وتنمية قدراتهم بدرجة مقبولة من الأداء من خلال التعامل مع كل مستوى بأسلوب ملائم لقدراته وخبراته السابقة .
وفيما يلي خطوات مقترحة يمكن أن يستعين بها المعلم أثناء توظيف هذه الاستراتيجية في عمله :
1. إعداد خطة مدرسية قائمة على أنشطة وأساليب عمل تلائم المستويات الثلاثة من الطلبة ؛ المتفوقين والمتوسطين والضعاف ، بحيث تكون نتاجات التعلم واضحة ، والمخرجات المتوقعة محددة ، واستراتيجيات التقويم وأدواته ملائمة .
ويراعي في الخطة الدرسية ما يلي :
* أن تتنوع الأهداف بحيث يكون بعضها ذي مستويات متدنية كالمعرفة والفهم ، وتناسب الأطفال الضعاف ، ويسمو بعضها إلى مستويات عليا كالتحليل والتركيب والتقويم لتناسب فئة المتفوقين .
* تنويع استراتيجيات التعليم حسب اهتمامات الأطفال بحيث يوظف أحياناً استراتيجية التعليم المباشر وأحياناً أُخرى استراتيجيات متقدمة مثل حل المشكلات ، ويكلف كل فئة بما يلائم قدراتها فيكلف فئة بعمل مشروع وفئة أخرى بأنشطة يدوية ، وفئة ثالثة بحل مشكلة وما إلى ذلك .
* تنويع المخرجات المتوقعة ، بحيث يقبل من كل فئة الإنجاز الذي يلائم قدرات أفرادها .
2. تحديد استراتيجية التدريس الملائمة لكل فئة من الفئات الثلاث ، وتكليف كل فئة بالقيام بنشاط يلائم ميول أفرادها ، فمن الأطفال من يتعلم من خلال التفاعل الصفي النشط القائم على العصف الذهني وحل المشكلات ، ومنهم من يميل إلى التمثيل وآخرون إلى اللعب أو الرسم وما شابه ذلك .
3. تنويع الأنشطة والمهام تبعاً لما يعرفه كل طالب ، ولما هو كفيل بإشباع حاجاته.
4. إجراء اختبار تشخيصي بين الفينة والأخرى، لتحديد مواضع الضعف ، بهدف متابعتها وتخليص المتعلم منها .
ولا يقتصر التعليم المتمايز على نمط واحد ، وإنما يتخذ أشكالاً وأنماطاً متنوعة ، فقد يميل بعض المعلمين لتوظيف :
1. استراتيجية التعلم الزمري ، وذلك بتقسيم طلبة الصف إلى مجموعات متفاوتة المستوى بحيث يتعاون الجميع في تنفيذ الأنشطة وتحقيق الأهداف بما يسمح للطفل الضعيف أن يستفيد من الطفل المتفوق .
2. تنويع الأنشطة وفق نظرية الذكاءات المتعددة ، فيقوم كل طالب بالنشاط الملائم لدرجة ذكائه .
3. التدريس وفق تكامل الحواس ، السمع والبصر والحركة واللمس ، أو وفق النمط الذي يستهوي كل طفل .
وتلجأ بعض الإدارات المدرسية إلى نظام التشعيب ، بوضع الطلبة المتفوقين في شعبة ، والأطفال الضعاف في شعبة أُخرى دون أن يشعر المتعلمين في كلتا الشعبتين ، في حين يوضع الأطفال المتوسطون في شعبة ثالثة ، فيُعهد لتدريس الشعبة المتفوقة للمعلمين المتميزين ، ويُعهد لتدريس شعبة المتأخرين دراسياً لفئة المعلمين أصحاب الاختصاص من المدربين على التعامل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم ومع حالات التأخر الدراسي المختلفة .
ورغم أن بعض الخبراء التربويين قد عارضوا فكرة التشعيب إلا أنها قد تنجح إذا تمت متابعة التنفيذ بوعي ، وقد شارك الكاتب في تجربة من هذا القبيل فحققت نتائج مرضية.
وتبقى استراتيجية التعليم المتمايز واحدة من استراتيجيات أُخرى متعددة تهدف إلى إحداث تغيير مرغوب فيه في سلوك الطلبة وفي طرائق تفكيرهم .
مشرف تربوي بمدارس الحكمة والكرامة بعمان