وما زالت النكبة التي وقعت تجلياتها التدميرية عام 1948، سارية وقائمة، وما زالت آثارها تعبر عن نفسها وتتفاعل في استمرار المعاناة والاقتلاع والتهجير والإبادة والتبديد واللجوء والفقر وفقدان الحريات، وما زال اللاجئون الفلسطينيون في أكثر من أربعين مخيماً عبر العالم العربي وفي دول الجوار الفلسطيني، تحديداً ينتظرون عودتهم الى وطنهم منذ قيام النكبة.
النكبة مستمرة لم تتوقف ولم تصفى آثارها، وما نراه اليوم هو امتداداها في حرب الابادة المستعرة في غزة والضفة الغربية، وفي معاناة سكان المخيمات وخاصة في لبنان.
وإذا كانت النكبة في امتدادها قد أشرت الى حرب الابادة في غزة، والتي تقدم عبر وسائل الإعلام، من صحف وتلفزيونات ووكالات انباء وسوشيال ميديا، وكلها ماثلة أمام الناس، ومشاهدة في أشكال القتل المباشر على الهواء، كما يحدث في غزة. فإن النكبة في عام 1948، قد حصدت مئات الآلاف من الأرواح ومئات الالاف من الجرحى، ولكن لم تكن هناك وسائل إعلام كافية لنقل تلك المشاهد، حيث دمرت مئات المدن والقرى، وحيث نسفت ودمرت بيوت ومنشآت وحيث قتل واغتيل الكثيرون وارتكبت أبشع المجازر، على سبيل المثال مجزرة الطنطورة قرب حيقا، ومذبحة أبو شوشة، ومذبحة بلدة الشيخ، ومذبحة قبية ومذبحة خان يونس، وكفر قاسم، ومذبحة قلقيلية ومذبحة الحرم الابراهيمي، ومخيم جنين، والفالوجة، ومذبحة حيفا ومذبحة العباسية، ومجزرة الدوايمة، ومجزرة دير ياسين، ومجازر المخيمات مثل صبرا وشاتيلا.ف لبنان
النكبة مستمرة عبر الأجيال الفلسطينية التي ما زالت محرومة من العودة الى وطنها، وقد شهدت الحركة الوطنية الفلسطينية التي غابت بوقوع النكبة عام 1948، عودة للحضور بتاسيس انطلاقة حركة التحرير وانطلاق منظمة التحرير الفلسطينية، وما بقي من تمثيل فلسطيني وما لحق بهذا التمثيل من انشقاقات وتنازع، ما زال قائماً حتى اليوم، وقد تسبب في الكثير من الاعراض الضارة بالقضية الفلسطينية.
في يوم النكبة في الخامس عشر من ايار من كل عام وعلى مدى 77 عاماً، وما زالت فلسطين كل فلسطين، تحت الاحتلال، وما زالت ترتكب المجازر على أرض فلسطين، ويجري تهويدها بمزيد من الاستيطان وأسرلتها لتحل السردية الصهيونية محل السردية الفلسطينية، والنكبة تجدد الآن في عشرات المذابح في غزة والضفة الغربية.
وفي استمرارالنكبة واعراضها المفجعة التي تزداد كل يوم، كما في غزة مازال لنظام العربي لم يجد طريقاً أو خطة تتعلق بفلسطين، فقد تشظى الموقف العربي وتقسم، ونأمل ان لا يكون انعكاس ذلك ماثلاً في قمة بغداد القادمة.
