في الوقت الذي يخرج علينا بعض قادة "الإخوان المسلمين" باتهامات تشكك في مواقفنا وتلمح إلى تقاعسنا عن نصرة غزة، يرد عليهم مخبزنا المتنقل هناك، من خلال استمراره في العمل رغم كل الظروف الصعبة، معلنا عن "مقاومة شرسة" نبيلة هدفها إبقاء ما يقارب مليون غزي على قيد الحياة، والسؤال نحن نقدم الأمل والحياة، فماذا تقدمون أنتم؟
استمرار عمل مخبزنا المتنقل ومستشفياتنا الميدانية رغم الظروف القاسية هناك، هو مقاومة حقيقية ونبيلة، غايتها إنقاذ الأبرياء من النساء والأطفال والعجزة الذين يعانون من ويلات "حرب طويلة" يدفعون ثمنها، كما يدفعون ثمن التجاذبات السياسية، وفشل المفاوضات، والتعنت من كل الأطراف، ورغم طول تلك الحرب وصعوبتها استمرت مخابزنا ومستشفياتنا بالصمود بدعم رسمي وشعبي بقيادة جلالة الملك.
لن أنافق، ولن أدعي، إن قلت إن مستشفياتنا ومخابزنا وكوادرها جميعا قد سطروا مفهوما جديدا للمقاومة والبطولة، تحت عنوان يميز بين (مقاومة السلاح والصواريخ) التي تجرّ أحيانا الشعوب إلى الحروب وويلاتها، وبين (المقاومة بالنخوة والإنسانية والشهامة والعقل والدبلوماسية)، والفرق هنا ان مقاومتنا تبذل الجهود من أجل الحياة واستمرارها وتبعث الأمل في نفوس أطفال ونساء غزة.
ثلاثة مستشفيات ميدانية، وعربات متنقلة لتركيب الأطراف، ومخابز متنقلة، وآلاف الأطنان من المواد الغذائية والدوائية، ومختلف أشكال المساعدات أرسلها الأردن برا وجوا. ناهيك عن الجهود الملكية التي ساهمت في تشكيل رأي عام عالمي متضامن مع غزة، ما دفعها الى تقديم المساعدات عبرنا ومن خلالنا، وثم يخرج الإخوان وزبانيتهم ليسألونا: ماذا قدمتم لغزة؟
لقد قدمنا لغزة الكثير والكثير ولا نفاخر به، ولا نطلب الشكر من أحد، فهذا واجب علينا نقوم به دون منّة او جميل من احد، وعلى النقيض نجد "الإخوان" وبعض حلفائهم ممن تاجروا بالقضية وصوروا مساعداتهم ووقفاتهم لتحقيق مكاسب انتخابية وسياسية، كما انهم وتحت ذريعة "إسناد المقاومة" خططوا لافعال خبيثة.
المخبز الاردني هو الوحيد العامل في القطاع ويعمل على مدار 19ساعة يوميا في ظروف صعبة لا تحتمل وانتج ما يقارب 390 ألف رغيف خبز خلال الأسبوع الماضي وجرى توزيع الخبز على العائلات في مختلف مناطق غزة، حتى المناطق التي كان من الصعب الوصول إليها.
خلاصة القول؛ مستشفياتنا، ومخابزنا، وعربات تركيب الأطراف، وآلاف شاحنات المساعدات، هي مقاومة حقيقية على أرض غزة، تُنير الأمل، وتبث الحياة، وتُزيل الخوف من وجوه الأطفال. هذه أصدق بكثير من شعارات استهلكها الزمن، وهرطقات وخزعبلات وأكاذيب باتت مكشوفة للجميع. دعوا غزة لنا، واصمتوا أنتم، وانشغلوا بما جنيتموه من تجارتكم بها.
