خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الأحزاب السياسية.. قبل فوات الآوان

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. خالد الشقران

تُعَدُّ الأحزاب السياسية ركيزةً أساسية في أي نظام ديمقراطي، إذ تعكس تعددية الرؤى وتضمن تمثيل شرائح المجتمع المختلفة. ومع ذلك، تواجه الأحزاب الأردنية تحديات جمة في تعزيز وجودها البرلماني والسياسي، حيث لا تزال مشاركة العديد منها محدودة في مجلس النواب، كما يغيب تأثيرها الملموس في الواقع المجتمعي وكذلك في عمليات رسم السياسات العامة وصناعة القرار، فكيف يمكن لهذه الأحزاب أن تعزز حضورها التمثيلي والشعبي؟ الإجابة تكمن في تبني استراتيجيات منهجية تعالج جذور الإشكالات، أبرزها ضعف التواصل مع القواعد الشعبية، وغياب الخطط المدروسة لتوسيع قاعدتها الجماهيرية.

في الانتخابات السابقة اخفقت الكثير من الاحزاب في الحصول على ثقة المجتمع بشكل عام والناخبين بشكل خاص لعدة اسباب عامة تتعلق بطبيعة وشكل الحياة السياسية في الاردن ما بين الماضي والحاضر واثر ذلك على معرفة وثقافة الناس واهتماماتهم بالعمل السياسي والحزبي، واسباب خاصة تتعلق بقصور عمل الاحزاب المتعلق بتنويع الاستراتيجيات الهادفة للوصول الى الرأي العام والتأثير فيه لصالح هذه الاحزاب، اما اليوم ونحن على بعد مسافة عدة سنوات عن الانتخابات النيابية القادمة وسنة ونصف على الانتخابات البلدية والمركزية ثمة مساحة زمنية تشكل فرصة كبيرة للاحزاب لزيادة تمكينها وانتشار برامجها وافكارها وزيادة تأثيرها وعدد منتسبيها اذا تمكنت من بناء استراتيجيات عمل وفق اهداف واضحة وخطط وبرامج تنفيذية باطر زمنية محددة.

فما بين كسر حاجز العزلة الى زيادة التواصل المباشر مع القواعد الشعبية ثمة مساحة مهمة ينبغي على الاحزاب السياسية اقران الفكر بالحركة لخوض غمارها وعرض فكرها وبرامجها على الرأي العام لحصد المزيد من التفاعل معها، اذ لا يمكن للأحزاب أن تحقق تمثيلًا برلمانيًا قويًا دون أن تتمتع بقاعدة شعبية واسعة، وهو ما يتطلب كسر حالة الانفصال بين النخب الحزبية والمواطن العادي. فكثير من الأحزاب تُوصف بـ"النخبوية"، أو أنها تتركز في العاصمة او مراكز المحافظات، مما يفقدها التواصل مع المدن والقرى والمخيمات والمناطق الريفية والبوادي والطبقات المختلفة. ولتجاوز ذلك، يجب على الأحزاب تبني حملات ميدانية دائمة، كتنظيم لقاءات حوارية وفعاليات في مناطق المملكة وخاصة المناطق النائية وامام مختلف مكونات المجتمع، وإنشاء فروع ومكاتب خدمية تقدم الدعم الفكري والسياسي والاقتصادي والقانوني والثقافي والاجتماعي، ما يعزز ثقة المواطن بالحزب ككيان فاعل في حياته اليومية، وليس مجرد جهة تسعى للكرسي البرلماني من خلال اصوات الناس فقط.

ولبناء القاعدة الجماهيرية للاحزاب تأتي ضرورة واهمية التحول من التنظير إلى الممارسة، حيث يتطلب توسيع القاعدة الجماهيرية للأحزاب عملًا مؤسسيًا يستهدف شرائح متنوعة، خاصة الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع. ويمكن تحقيق ذلك عبر التوغل في الجامعات وقد يكون على سبيل المثال لا الحصر من خلال تأسيس أندية طلابية حزبية تناقش قضايا التعليم وسوق العمل، او تقديم المعلومات للطلبة حول سبل الحصول على منح دراسية أو رعاية مبادرات وانشطة طلابية. ويمكن للاحزاب الذهاب الى مسار بناء الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني مثل الجمعيات الثقافية والنقابات، لدعم قضايا مشتركة كتمكين المرأة أو محاربة الفقر والبطالة او طرح افكار ومشروعات تساعد في تحسين الواقع المعيشي للمواطنين او نشر الوعي حول قضايا عامة. اضافة الى ضرورة التنوع في استخدام المنصات الرقمية بإنتاج محتوى تفاعلي يشرح برامج الحزب بلغة بسيطة، ويستجيب لأسئلة المواطنين المباشرة حول الخدمات العامة او اهمية المشاركة السياسية والعمل الحزبي في حياتهم، كما يمكن للأحزاب توظيف المناسبات والأحداث الوطنية والاقليمية والدولية وتقديم رؤى وافكار واضحة، وكذلك طرح برامج لدعم الشرائح الضعيفة عبر فيديوهات قصيرة تشرح آليات التنفيذ.

في موازاة كل ما سبق يمكن لـ"حكومات الظل" أن تكون أداة فعّالة لعرض كفاءة الأحزاب، عبر تشكيل فرق متخصصة تُصاغ فيها سياسات داعمة او بديلة لعمل كل وزارة،او تطوير اوراق سياسات عامة بمشاركة المواطنين او طرح حلول لبعض التحديات والمشكلات المرتبطة بعمل الوزارات ولها تأثير على حياة المواطنين، فلو أعلن حزب ظل عن خطة مفصلة لإصلاح النظام الصحي، تشمل توزيعًا عادلًا للمستشفيات وتخفيض كلفة الأدوية، فإن ذلك سيعزف على وتر احتياجات الناس المُلحّة، ويبرهن على جاهزية الحزب للمشاركة في الحكومات، علما بأن هذه الخطط يجب أن تُناقش علنيًا عبر ندوات أو منشورات تصل إلى المواطن البسيط.

حتى التفاصيل الصغيرة يمكن ان تصنع الفرق، اذ يمكن للاحزاب اذا اتبعت اسلوب عمل يمزج بين العمل في السياسات الكبرى والتدرج وصولا الى الحياة اليومية ان تنجح في الوصول الى كسب تأييد الناس وربما انخراط الكثير منهم بالانتساب لهذه الاحزاب والعمل معها على نشر الوعي المجتمعي باهمية المشاركة السياسية والانخراط في الاحزاب، ولكي تكتسب الأحزاب شرعيتها، عليها أن تنخرط في أدق تفاصيل حياة المواطن، كتحسين جودة النقل العام، أو حل مشكلة تكدس النفايات في الأحياء. فمثلًا، من خلال اطلاق حملة لتنظيف الأحياء والمدن والقرى بمشاركة متطوعين، مع شرح كيف سيتم تحويل هذه المبادرة إلى برنامج تشريعي دائم، هذا النهج يرسخ صورة الحزب كشريك في الحياة اليومية، لا كمجرد راكب لموجة الانتخابات.

إن تعزيز حضور الأحزاب الأردنية في البرلمان والحياة السياسية ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى تحول جذري في أدائها من "الخطاب العام" إلى "الفعل الملموس". فبالتواصل المباشر، والتوسع الجماهيري المدروس، واستخدام أدوات مثل حكومات الظل، والانغماس في تفاصيل الحياة المجتمعية، يمكن للأحزاب أن تتحول إلى قوى سياسية مؤثرة. هذا التطور ليس ضروريًا لتعزيز الديمقراطية التمثيلية فحسب، بل أيضًا لبناء توافق وطني حول الأولويات التنموية، مما ينعكس إيجابًا على تطور الاردن واستقراره وازدهاره، وبخلاف ذلك لا يمكن للاحزاب ان تعلق اخفاقها في توسيع قاعدتها الشعبية وزيادة تمثيلها على عاتق الحكومات او احجام الناس عن المشاركة السياسية.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF