في واحدة من أخطر القضايا الأمنية التي شهدها الأردن مؤخراً، أعلنت الأجهزة الأمنية إحباط مخططات كانت تهدف للمساس بأمن الوطن واستقراره. هذا الإعلان يعكس يقظة الدولة وقدرتها على الاستباق في مواجهة التهديدات، خصوصاً في ظل ما يشهده الإقليم من اضطرابات ذات طابع أيديولوجي وديني.
الخطورة في هذا الحدث لا تتوقف عند حجم التهديد الأمني فقط، بل في ما كشفته المعلومات المتداولة عن وجود علاقات لبعض المعتقلين بحزب سياسي ذي مرجعية دينية. الأمر الذي يثير تساؤلات مشروعة حول مستقبل هذا الحزب، ومدى مسؤوليته المؤسسية، وهل يستدعي الأمر حله؟ أو حتى التفكير في حل مجلس النواب إذا كان لبعض أعضائه صلة بالقضية.
هنا لا بد من التفريق بين مسؤولية الأفراد ومسؤولية المؤسسات. فإذا ثبت بالأدلة الدامغة أن الحزب كمؤسسة متورط في هذه المخططات، فإن حله يصبح واجباً وطنياً وقانونياً، وفقاً لأحكام القانون الواجب التطبيق.
في المقابل، الدعوات لحل مجلس النواب على خلفية هذه القضية، تبدو غير منسجمة مع الواقع السياسي والدستوري. فالمجلس النيابي مؤسسة تشريعية قائمة بدورها الرقابي والتشريعي، وأي قرار بحلّه يحتاج إلى مبررات دستورية واضحة.
الأردن دولة قانون ومؤسسات، ويمتلك من التشريعات ما يكفي لمحاسبة أي جهة أو شخص يخرج عن الإطار القانوني. الدستور ينظم العلاقة بين السلطات، ويضمن محاسبة كل مخالف دون الحاجة إلى إجراءات استثنائية. كما أن حل مجلس النواب يستتبع استقالة الحكومة، ما قد يفتح الباب أمام فراغ سياسي نحن بغنى عنه في هذه المرحلة.
من المهم التذكير بأن حل مجلس النواب وفقاً للدستور الأردني يوجب أيضاً استقالة الحكومة، ما يفتح الباب أمام فراغ سياسي في وقت نحن فيه بأمس الحاجة إلى الاستقرار التنفيذي والتشريعي. الحكومة الحالية بقيادة الدكتور جعفر حسان تعمل على ملفات إصلاحية واقتصادية حساسة..
المطلوب اليوم هو موقف وطني متزن يقوم على الثوابت: محاسبة كل من يثبت تورطه، الحفاظ على هيبة المؤسسات، وحل الحزب إذا ثبت تورطه المؤسسي. كما يجب إعادة النظر في ضوابط العمل الحزبي، وضمان التزامه بالدستور والمصلحة الوطنية.
في هذا الظرف، الحزم مطلوب، لكن بميزان من الحكمة السياسية. فاستقرار الأردن ووعيه السياسي كانا دائماً سدّاً منيعاً أمام محاولات الفوضى، ويجب أن يبقى كذلك.
محامٍ وخبير قانوني