خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

يسقط الخروف البلدي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أسامة أبو الرب

أخبرني دكتوري أنني أعاني من ارتفاع الكوليسترول، وحذرني من مخاطر ذلك، وقال بلهجة حانية: «يا عمي، إذا ما نزلت الكوليسترول، قد تصاب بسكتة دماغية».

«يا عمي»! عندها قلت لنفسي: هل كبرت لهذه الدرجة؟ أظن أن معيشتي لوحدي بعد أن انفصلنا، أنا وزوجتي، وأخذها لابنتي لتعيش معها قد جعلني لا أشعر بالتقدم في العمر.

طلقت زوجتي قبل عشر سنوات، لا أذكر ما كان السبب، الأرجح أنني كنت وقتها صغيرًا وغبيًا، ولو عادت بي الأيام لما فعلت ذلك.

الأطفال يعطوننا الحياة، ويجعلوننا نشعر بمرور الوقت. ابنتي تعيش مع أمها، ولا أراها إلا في المناسبات. هذا العام هي توجيهي، وعليَّ أن أفكر في كيفية تأمين مصاريف دراستها في الجامعة العام المقبل.

نصحني دكتوري:

- لا تأكل اللحم البلدي، واستعض عنه بالأسترالي.

- لماذا؟

- البلدي كثير الدهن، وسيضر صحتك. أما الأسترالي فشحمه قليل ولحمه الأحمر أكثر.

قررت أن أدعو ابنتي على الإفطار في رمضان، وستحضر معها ابنتا أخي أيضًا. لا أعرف الطهو، لذلك ذهبت إلى المطعم وطلبت منه سدر منسف صغير، وسألته عن نوع اللحم. فقال: لديهم أسترالي وبلدي، وأن البلدي ضعف السعر، لكنه أطيب.

لا أريد أن أظهر بمظهر البخيل أمام ابنتي، وابنتي تحب اللحم البلدي، هكذا كانت طليقتي تقول لي عندما أحوّل لها فلوس النفقة.

أوصيت على سدر بلدي، ودفعت ثمنه.

يومها لم أشترِ علاج الكوليسترول، إذ لم يبقَ معي مال كافٍ، ويجب أن أحسب حسابي لعيد الفطر، فلا يمكنني أن أترك ابنتي دون عيدية.

- عليك أن تلتزم بعلاج الكوليسترول.. قال دكتوري.

- نعم، ولكنني أنساه بعض الأحيان.. أجبته.

في يوم العزومة، أحضرت سدر المنسف البلدي، وعندما أزلت خبز الشراك عن اللحم، وسكبت لابنتي وأنا أقول لها: «كلي يابا.» اكتشفت أن قطع الخروف كلها شحم، لا وجود للحم أحمر، أو أصفر، أو أخضر، أو بأي لون آخر.

احمرّ وجهي، وأخذت أبحث عن قطعة لحم أضعها أمام ابنتي وبنات عمها.

ابنتي طيبة، لم تقل شيئًا، لكنها قالت: «يابا، أنا أحب شحم الخروف البلدي.» وأخذت تقطع وتأكل منه.

- «لا، هناك لحم في القطع الأخرى.» أجبتها، لكنني لم أعثر سوى على غضروف وعظم.

ابنتي طيبة للغاية، حتى إنها عندما وجدت قطعة صغيرة من اللحم، أعطتني إياها وقالت: «يابا، كل منها، لا تأكل الشحم لأنه مضر بصحتك."

غادرت ابنتي، وانطلقت إلى المطعم، ودخلت عليه وتشاجرت معه.

- «سودت وجهي أمام ابنتي.. سود الله وجهك».. قلت له.

- «عمي، هذا الخروف البلدي، هيك بيجي!"

- «من متى بيجي هكذا؟ هل أصبحت الخراف البلدية لدينا خاملة لا تتحرك، فلا ينمو أي لحم على عظمها؟ هل تربونها في مسابح أو في استراحات مكيفة؟"

أصرّ صاحب المطعم أنه لم يغشني، وتذكرت دكتوري وقتها، وقلت: «أنا أستحق، لأنني لم أستمع له واشتريت البلدي بدل الأسترالي».

لكن ابنتي طيبة، وهي تحب الخروف البلدي، وهو غالٍ، وكوليسترولي عالٍ.

يعيش الخروف الأسترالي.. ويسقط البلدي!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF