د. أسامة أبو الرب
جاءت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني كأول زعيم عربي يزور البيت الابيض بساكنه الجديد دونالد ترامب، لتعبر عن شجاعة الملك الكبرى وثقته بشعبه الأردني وجيشه القوي، في مواجهة عاصفة التهجير الذي يقودها مطور العقارات الأميركي.
العالم يعرف ترامب، وتصريحاته عن عزمه تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن وصلت الجميع، وكانت مفاجئة حتى للإسرائيليين الذين ما كانوا ليحلموا ذلك.
ترامب متهور، وهو ينظر إلى كل شيء عبر الدولار، فالحياة صفقة، ولذلك يريد تحويل غزة إلى منطقة عقارية للاستثمار، وليذهب أهلها إلى الجحيم.
بالمقابل لدى الفلسطينيين مشكلة، وهي عدم وجود خطة لما بعد الحرب، وهنا يبرز الانقسام الفلسطيني الذي ما زال مستمرا رغم سقوط 50 ألف شهيد. بالمقابل إسرائيل لديها خطة الجنرالات، وترامب لديه مشروعه، أما الجانب الفلسطيني فما لديه هو الرفض، دون اقتراح خطة حقيقية قابلة للتنفيذ.
الملك ذهب إلى واشنطن وهو يعلم ما سيواجهه، ولكنه قرر أن يكون أول من يجابه ترامب ويخبره أن لا تهجير لأهل غزة.
ترامب المراوغ -وبعدما كان الترتيب أن لا يتم عقد مؤتمر صحفي- حاول إحراج الملك، عندما تم دعوة الصحفيين للدخول، وبعدها أطلق تصريحاته.
الملك كان واضحا وثابتا، والجملة المركزية كانت "علي أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي"، وهذا يعني بكل وضوح رفض التهجير.
وتابع جلالة الملك أنه سيكون هناك رد من عدة دول، وأن العرب سيأتون إلى الولايات المتحدة برد على خطة ترامب بشأن غزة.
ترامب كان يبحث عن موافقة من الملك على خطته العبثية، لكنه لم يحصل عليها. أما لملك فقد تعامل بطريقة صحيحة وذكية مع بلطجة ترامب، وتعابير وجه الملك وولي العهد تظهر الاشمئزاز من بهلوانيات ترامب المجنونة.
هذه البهلوانيات كانت بلا فائدة، واظهرت حنكة الملك الذي احتوى فهلوة ترامب، وفي وقت لاحق أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الملك عبد الله الثاني رفض خطة ترامب بنقل الفلسطينيين من قطاع غزة.
بعد هذا اللقاء الذي "فزر الدمل" أصبح القادة العرب مستعدين لمجابهة ترامب، ومثال على ذلك ما نقل عن مصادر مصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يسافر إلى واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض، إذا كان جدول الأعمال يشمل خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين.
كل من تعمد تشويه ومهاجمة الأردن هو في صف خطة التهجير الأميركية الإسرائيلية، والأردن ومعه مصر هما من منعا تنفذي مخطط التهجير الذي كان يمضي على قدم وساق منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
الشعارات الفارغة والخطب الرنانة لن تحمي سكان غزة او تمنع تهجيرهم، فغزة فعليا منطقة غير قابلة للحياة، وحماية سكانها تكون بوقف الحرب وبدء الاعمار.
الأردن هو السد المنيع المتبقي أمام التهجير، وترامب ونتنياهو يعلمان ذلك، وهذا هو سبب استهدافه.