يعتبر مفهوم الهالة (Halo Effect) من المفاهيم النفسية التي تؤثر بشكل كبير على تقييمنا للأشخاص والأحداث. ففي بيئة العمل، تلعب الهالة دورًا حاسمًا في تفاعلات المدير مع الموظفين، حيث تؤثر على كيفية تقييم المدير لأداء الموظفين واتخاذ القرارات بشأنهم.
في هذا المقال، سنتناول تأثير الهالة في تعامل المدير مع العاملين، مستندين إلى الدراسات والأبحاث العلمية في هذا المجال.
بداية لا بُد أن نتفق عزيزي القارئ على مفهوم إجرائي للهالة؛ إذ عرّفها المختصون بأنها ظاهرة نفسية تتجلى في تقييمنا لشخص ما بناءً على انطباع أولي أو صفة واحدة بارزة. فعندما نكون قد شكلنا انطباعًا إيجابيًا عن شخص ما، نميل إلى تقييم صفاته الأخرى بشكل إيجابي أيضًا، حتى لو لم تكن هناك أدلة كافية على ذلك. والعكس صحيح، فإذا كان انطباعنا الأولي عن شخص ما سلبيًا، نميل إلى تقييم صفاته الأخرى بشكل سلبي. وهنا أطرح تساؤلاً: ما تأثير سحر النظرة الأولى؟ تأثير الهالة في العلاقات الإنسانية خصوصًا في بيئة العمل؛ إذ يمكن أن يؤ?ي تأثير الهالة إلى مجموعة من النتائج الإيجابية والسلبية.
لتوضيح الصورة أكثر، أطرح بعض الأمثلة عن تأثير الهالة في بيئة العمل، المثال الأول الموظف الجذاب: غالبًا ما يتم تقييم الموظفين الجذابين جسديًا بشكل أفضل من غيرهم، حتى لو كان أداؤهم متساوياً. المثال الثاني الموظف المتحدث الجيد: الموظف الذي يجيد التحدث وإقناع الآخرين، قد يحصل على تقييمات أعلى، حتى لو كانت جودة عمله أقل من الآخرين. المثال الثالث الموظف الذي حقق نجاحًا واحدًا: قد يؤدي نجاح واحد للموظف إلى حصوله على هالة إيجابية، مما يؤدي إلى تقييم إيجابي لأدائه في جميع المجالات.
إن تأثير الهالة يؤثر في المؤسسة ككل؛ بدءاً من خطر التقييمات المتحيزة التي قد يؤدي تأثير الهالة إلى تقييم المدير لأداء الموظف بشكل غير دقيق. فإذا كان المدير يحب موظفًا معينًا، فإنه قد يميل إلى تقييم أدائه بشكل أعلى من الواقع (وعين الرضا عن كل عيب) والعكس صحيح وبالتالي ازدواجية في التعامل وتوزيع المهام وغياب العدالة التنظيمية وأثرها السلبي على المناخ التنظيمي في المؤسسة. بالإضافة إلى أنها يمكن أن تؤثر على فرص الموظفين في التطور الوظيفي والحصول على ترقيات. فالموظف الذي يتمتع بهالة إيجابية لديه فرص أكبر للحصول?على هذه الفرص، حتى لو كان أداء زميله أفضل وبالتالي التقييم المزاجي وفقًا للهالة وليس وفق معايير الإنجاز والأداء. وبالتالي ينعكس هذا على علاقات العمل: حيث تؤثر الهالة على العلاقات بين المدير والموظفين. فإذا كان المدير لديه انطباع إيجابي عن موظف ما، فإنه يميل إلى بناء علاقة جيدة معه، والعكس صحيح. وهذه السلسلة المتواصلة من تأثير الهالة قد تؤثر على دافعية العاملين ورضاهم الوظيفي عن العمل؛ فالموظف الذي يشعر بأن مديره يقدره ويحترمه، يكون أكثر دافعًا وإنتاجية.
كل مدير مؤسسة أو مسؤول قسم يسعى للعدالة والإنصاف، لذا لا بُد أن يحرص على تجنب تأثير الهالة في قيادة فريق العمل وتوجيه العاملين وتنسيق الجهود وتوزيع المهام من خلال التقييم الموضوعي: يجب على المديرين التركيز على تقييم الأداء الفعلي للموظفين، وليس الانطباعات الشخصية. وتحديد معايير واضحة: يجب وضع معايير واضحة وقابلة للقياس لتقييم الأداء، وتطبيقها على جميع الموظفين بشكل عادل. وتقديم ملاحظات مستمرة: يجب على المديرين تقديم ملاحظات مستمرة للموظفين حول أدائهم، سواء كانت إيجابية أو سلبية. والتدريب على مهارات التقييم? يجب تدريب المديرين على مهارات التقييم الموضوعي، وتجنب التحيزات الشخصية.
ختامًا إن تأثير الهالة هو ظاهرة نفسية معقدة تؤثر على تقييمنا للأشخاص والأحداث. في بيئة العمل، يمكن أن يؤدي تأثير الهالة إلى نتائج إيجابية وسلبية. من خلال فهم تأثير الهالة، يمكن للمديرين اتخاذ خطوات لتجنب التحيزات الشخصية وتقييم أداء الموظفين بشكل أكثر موضوعية وعادلة، دون الانبهار والتأثر بالهالات والانطباع الأول (عدلت، فأمنت، فنمت).