خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

إسرائيل أمام الخيارات الصعبة!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

إنّ من الواضح تماماً أنّ إسرائيل تواجه في الظروف الحالية أوقاتاً صعبة وهي تقف حائرةً أمام الخيارات العديدة المطروحة أمام قيادتها فبالنسبة لقطاع غزة لا تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئاً إضافياً أكثر مما فعلته فقد دمرت البنية التحتية (أكثر من 70% من مساكن الأهالي)، وقتلت عدداً مهولاً (أكثر من 41.000 حتى الآن)، وهجرت السكان لأكثر من مرة داخل القطاع، فضلاً عّما مارسته من تجويع رصدته جميع الهيئات الدولية المسؤولة، ومع ذلك فإنها لا تستطيع أن تدّعى الانتصار حيث لم تحقق أهداف الحرب المُعلنة (القضاء على حماس، وتحرير «ال?هائن»، وإنهاء الخطر المستقبلي من القطاع) فماذا تفعل: هل تُبقي الوضع على حاله بكل ما يعنيه ذلك من استنزاف لطاقاتها، وتآكل لسمعتها الدولية، وتزايد ضغوط الداخل والخارج عليها، أم تعلن رغبتها في احتلال القطاع احتلالاً عسكرياً مع كل ما يحمله ذلك من تبعات؟!

وفيما يتعلق بالجبهة الشمالية المحاذية لجنوب لبنان ما زالت إسرائيل منخرطة فيما يشبه «الحرب النشطة» مع حزب الله اللبناني ضمن «قواعد اشتباك» معينة تحرص عليها الولايات المتحدة ومعظم الأطراف الدولية، وقد وافق مجلسها الأمني المصغر (الكابينت) على توسيع «أهداف الحرب» قبل أيام لضمان إعادة المهجّرين الإسرائيليين من الشمال، كما قامت إسرائيل بشن هجمة كبيرة على حزب الله من خلال تفجير أجهزة الاتصال الخاصة به (Pagers)، ولكن هل تستطيع إسرائيل القيام بعملية كبيرة لدفع حزب الله خلف نهر الليطاني بدون أن يعني ذلك الدخول في مع?كة شرسة غير مضمونة النتائج مع الحزب الُمدرّب والمُجهّز جيداً كما تقول إسرائيل نفسها؟

إن إسرائيل تستطيع الدخول عسكرياً إلى جنوب لبنان وقد تنجح في دفع قوات حزب الله إلى الخلف ولكن هل هي قادرة على دفع «الثمن» المتمثل في تدمير بعض أهدافها الحيوية والاقتصادية والبشرية «بالصواريخ الدقيقة» والمسيرات التي يمتلكها حزب الله؟ وهل في معركة مُحتدمة مثل هذه تستطيع إسرائيل إعادة من هجّرتهم إلى الشمال مرةً أخرى؟

وبالنسبة إلى الضفة الغربية التي بدأت فيها إسرائيل عملية أسمتها «مخيمات صيفية» لاستئصال المقاومة الفلسطينية من مدن الضفة ومخيماتها لم تستطع إسرائيل إنجاز الكثير فرغم التدمير الذي أحدثته، ورغم القتل الذي مارسته، ورغم الاستيطان المستشري في كل يوم تقف إسرائيل عاجزة أمام (3) ثلاثة ملايين فلسطيني لا يريدون ترك وطنهم -وبغض النظر عن الثمن الذي يدفعونه- وهم يجدّدون مقاومتهم التي من الواضح أنها تتجّذر في كل يوم، وتتسلح بأسلحة وتقنيات جديدة، ولا ينفع مع هذا الواقع تبني ما تسميه إسرائيل على لسان وزير ماليتها المتطرف «?مورترش» بسياسة «الحسم» التي تُخيّر الفلسطينيين بين الرضوخ للحكم الإسرائيلي، أو القتل على يد الجيش الإسرائيلي، أو مغادرة فلسطين.

إن إسرائيل في الواقع قد تمارس القتل وهي تمارسه فعلياً (قتلت أكثر من (600) واعتقلت أكثر من (10.000) فلسطيني في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر)، ولكنها بالقطع لا تستطيع تركيع الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل حقوقهم منذ مائة عام، وهي لا تستطيع أن تهجّر الفلسطينيين من الضفة لأنّ هذا غير وارد بالنسبة لهم كما أشرنا آنفاً، وغير مقبول بالنسبة لدول العالم، ومرفوض من قبل الأردن الذي أعلن بوضوح أن التهجير مخالف لاتفاقية وادي عربة (1994) مع إسرائيل بل هو بمثابة «إعلان حرب» على الأردن.

أما فيما يتعلق بالعالم الخارجي فإنّ صورة إسرائيل تتردّى في كل يوم، وتشهد معظم عواصم العالم ومدنه الكبرى تظاهرات ضخمة تطالب بوقف إطلاق النار، وتدين إسرائيل وتتهمها بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق لا بد من تسجيل أن دولاً أوروبية عديدة (إسبانيا، النرويج، سلوفينيا...) أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية، كما لا بدّ من الإشارة إلى أن المحاكم الدولية المهمة مثل محكمة العدل الدولية (تابعة للأمم المتحدة وتحقق في الجرائم التي ترتكبها الدول)، ومحكمة الجنايات الدولية (تضم أكثر من مائة دولة وتحقق في ال?رائم التي يرتكبها الأفراد) ما زالت تحقق في الجرائم التي تقارفها إسرائيل وقد اتهمت الأولى إسرائيل مبدئياً «بالإبادة الجماعية»، واتهمت الثانية على لسان مدعيها العام رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه بارتكاب جرائم حرب!، والواقع أن معظم الهيئات الدولية (الأونروا، منظمة الصحة العالمية، مجلس حقوق الانسان...) اتهمت إسرائيل صراحة بارتكاب الفظائع بحق الفلسطينيين وإلى الحد الذي ضمت فيه منظمة مختصة تابعة للأمم المتحدة الجيش الإسرائيلي إلى قائمة «العار».

إنّ إسرائيل تقف أمام خيارات صعبة بالفعل فلا هي تستطيع أن تُقدم ولا هي تستطيع أن تُحجم إزاء بعض القضايا التي تواجهها، وهي مُرغمة على دفع الثمن مع أيّ خيار تتبناه، الأمر الذي قد يجبر قيادتها الحالية على العودة إلى الشعب الإسرائيلي من خلال «انتخابات مبكرة» وبخاصة أن هذه القيادة مُتهمة حكماً بالتقصير بسبب «اللطمة» الهائلة التي تلقتها في السابع من أكتوبر، وبسبب تداخل مصالح رئيس وزرائها «نتنياهو» مع مصالح الدولة العليا، وبسبب «مصيرية» القضايا التي تواجهها إسرائيل وانعكاساتها المستقبلية على الإسرائيليين: حاضراً و?ستقبلاً.

أخيراً يبدو المشهد الإسرائيلي معقداً وينطوي على سيناريوهات واحتمالات عديدة ولذا فلابدّ لصانع القرار العربي بل وللمواطن العربي من أن يراقب بموضوعية، ويقرأ بفهم، ويستنتج بدقة.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF