منذ أن كلف جلالة الملك دولة الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة القادمة أخذ الكثير يبحث من باب الفضول عن سيرته الذاتية والعملية التي تولى خلالها مناصب دبلوماسية ووزارية وعمل مستشارا ومديراً لمكتب جلالة الملك سابقا في الديوان الملكي الى أن تم تعيينه مرة اخرى مديرا لمكتب جلالة الملك منذ مايو 2021 م، حتى تم تكليفة بتشكيل الحكومة الجديدة.
ما يلفت الانتباه بشخصيته الرئيس الجديد أنه لم يكن يوما محل جدل او تجاذبات سياسية حول انتمائه الاجتماعي او الفكري رغم توليه اكثر من منصب حساس، ولم يكن حتى من الشخصيات الذين يفضلون الظهور الإعلامي، بمعنى آخر الرئيس لم يكن بالنهاية سوى احد ابناء الأردن الذين حاز لعلمة وخبراته على ثقة جلالة الملك ليكون الأقرب إليه في قصره العامر.
أن تكون الأقرب لجلالة الملك يجعلك ذلك الأكثر دراية بما يريده جلالته وكيف يعمل وهنا بيت القصيد فهذا الموقع الحساس والمهم ساهم بشكل كبير في صقل ثقافة ومهارات الرئيس المكلف ومكنه من إكتساب الخبرات والمعرفة الكافية والاطلاع والمتابعة بما يقوم به جلالة الملك من تحركات واجراءات في كيفية معالجة الملفات السياسية والاقتصادية المعقدة الداخلية والخارجية وفقا لوسائل وأنماط غير تقليدية او معقدة وأيضا وفقا لسياسات تخضع للمنطق قبل العواطف..
كما استفاد من خبرات ومقدرات وحنكة جلالة الملك في التعامل مع الأزمات والقضايا الخارجية المعقدة لذلك فإن المسؤولية المترتبة على الرئيس المكلف بعد ذلك هي الاستفادة وترجمة ما اكتسبه من معرفة متراكمة في تنفيذ خطاب التكليف السامي لجلالة الملك للحصول على ثقة الشعب أيضا كما حصل على ثقة جلالة الملك وهذه المعادلة تحتاج الى عمل وجهد ميداني كما أكد عليه جلالة الملك في خطاب التكليف السامي بشكل صريح بضرورة الاعتماد على مسارات وبرامج سياسية وإقتصادية تهدف لمعالج كثير من القضايا والتحديات السياسية والاقتصادية على رأسها والأهم تلك التي تتعلق بالمديونية والفقر والبطالة وبرؤية وبرامج ومشاريع مستقبلية واضحة المعالم مرتبطة بمدد زمنية تخضع للرقابة واعادة التقييم وتكون مقياساً لعمل كافة الوزراء في الحكومة.
من المؤكد أنه لم يعد من المقبول الآن في قاموس جلالة الملك اختيار رئيس الوزراء لاي اعتبارات مهما كانت بل أن الاولوية لدى جلالته عند الاختيار هو معيار الكفاءة والقدرة على العمل والعطاء والحيادية وبذل الجهد وتخضع أيضا لمبدأ المتابعة والمراجعة والمحاسبة..
إذن يعلم الرئيس المكلف أن اختياره وهو الأقرب لجلالة الملك في ظل ما ورد في مضامين خطاب التكليف السامي يترتب عليه مسؤولية ليست بالسهلة تحتاج الى جهد كبير وفقا لمبادئ المكاشفة والتشاركية في اتخاذ القرار، فنحن مقبلون على مرحلة جديدة من الانفتاح السياسي الداخلي على كافة أطياف مؤسسات المجتمع المدني السياسي (الأحزاب) أفرزتها الانتخابات الأخيرة، ونقف أمام تحديات خارجية وتهديدات هي الأصعب ترتب علينا جميعا حكومة ومواطنين مسؤولية تشاركية بالتكاتف والعمل لمصلحة الوطن.
وفي النهاية نؤكد مرة أخرى أن الرئيس الجديد الدكتور جعفر حسان يعلم أن اختياره وهو الأقرب لجلالة الملك كان بكل معنى الكلمة «تكليف وليس تشريف».
استاذ القانون الدولي العام