خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

لماذا «يتعنّت» نتنياهو؟!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

كثيرون من المتابعين لا يفهمون لماذا يتعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في مواقفه إزاء إنجاز «صفقة» مع حركة حماس يتم من خلالها وقف لإطلاق النار، وإعادة الأسرى (أو من تسميهم إسرائيل رهائن) إلى أسرهم، والواقع أنّ هناك أسباباً كثيرة تجعل نتنياهو يتعنت ويختلق الأسباب في كل مرة لتعطيل «الصفقة» التي يريدها أهالي الأسرى (الرهائن) الإسرائيليون، ويريدها الشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرّين في غزة، ويريدها الوسطاء، وتريدها الإدارة الأميركية في هذه السنة الانتخابية المهمة لإدارة «بايدن»، بل ويريدها المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي بعد أن نفذ لديه بنك الأهداف في القطاع الذي أشبعه تدميراً، وأشبع أهله قتلاً وتنكيلاً وبصورة غير مسبوقة في الحروب البشرية الحديثة.

إنّ هذه الأسباب التي نشير إليها يمكن توضيحها على النحو الآتي:

أولاً: أسباب متعلقة بنتنياهو نفسه الذي يعتبر أنه من قادة إسرائيل التاريخيين أمثال هرتزل، وجابوتنسكي، وبن غوريون، وجولدا مائير، ولذا فإنه لا يرى من المناسب أن يوقف إطلاق النار بدون تحقيق الأهداف التي حددها للحرب وهي: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى (الرهائن)، وضمان ألّا يشكل قطاع غزة خطراً مستقبلياً على إسرائيل. إنّ نتنياهو يعتقد أن قائداً مثله حكم لأطول مدة من بين رؤساء الوزارة في إسرائيل، واستطاع الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية منذ اتفاقيات أوسلو (1993)، وتمكن من «التطبيع» مع بعض دول الإقليم لا يليق به أن يعقد صفقة مع حماس حيث سيُنظر إليها في ضوء مخرجات الحرب على أنها في الواقع نصر لحماس في «حرب غير متناظرة» يعد عدم انتصار الجيوش فيها انتصاراً للأطراف المقابلة.

ثانياً: أسباب متعلقة بالائتلاف الحكومي الإسرائيلي، فمن الواضح تماماً أنّ عقد صفقة مع حماس سوف يعني تلقائياً خروج اليمين المتطرف (بن غفير وسمورترش) من الحكومة وانهيارها الأمر الذي سوف يقود إلى احتمالية إجراء انتخابات مبكرة، وبدء لجان تقصي الحقائق عن أسباب التقصير في السابع من أكتوبر مما قد يؤدي إلى محاسبة نتنياهو وربما محاكمته. صحيح أنّ المعارضة الإسرائيلية بزعامة «لبيد» وعدت نتنياهو «بشبكة أمان» في الكنيست إذا انسحب وزراء اليمين، ولكن يجب أن نتذكر أن نتنياهو لا يجد نفسه إلّا في أحضان اليمين السياسي ولذا فهو لا يريد أن يضحي بائتلافه ويتحالف مع أطراف أخرى لا ينسجم ايديولوجياً معها.

ثالثاً: أسباب متعلقة بالرأي العام الإسرائيلي الذي ما زال في اكثريته الساحقة يؤيد استمرار الحرب. صحيح أنّ هناك ألوفاً أو عشرات الألوف من أُسر الأسرى (الرهائن) وداعميهم ينزلون إلى الشوارع من أجل عقد صفقة، ولكن معظم الإسرائيليين في الواقع وكما تشير الاستطلاعات الأخيرة التي أعطت نتنياهو أفضلية على غيره من زعماء الأحزاب (مثل غانتس زعيم معسكر الدولة) ما زالت تؤيد استمرار الحرب وإن كانت بالطبع تتعاطف مع أهالي الأسرى (الرهائن).

رابعاً: أسباب متعلقة بتبعية المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي للمستوى السياسي طبقاً لما يفرضه النظام السياسي الإسرائيلي حيث يخضع المستوى العسكري للمستوى السياسي، وحيث من الجائز أن يقدم المستوى العسكري والأمني الرأي والمشورة ولكن الكلمة الأخيرة هي للحكومة ورئيسها. إنّ المستوى العسكري والأمني قال بوضوح إنّ الوقت قد حان لإبرام «صفقة» وأنه لم تعد هناك أهداف يمكن تحقيقها عسكرياً وأمنياً (وبخاصة القضاء على حماس واجتثاثها نهائيا) إلّا أنّ نتنياهو لا يشاطر المستوى العسكري والأمني الرأي بل هو يطلب منه مزيداً مما يسميه «الضغط العسكري» لكي يحقق أهداف الحرب.

خامساً: أسباب تتعلق بالإدارة الأميركية حيث أنّ هذه الإدارة تود لو انتهت الحرب لكي تتفرغ لمعركتها الانتخابية ضد خصم عنيد مثل ترامب ولكنها في الواقع «ضعيفة» ولا تتخذ الخطوات الحقيقية التي تضغط من خلالها على نتنياهو كوقف الإمداد المستمر بالأسلحة، وحجب المساعدات الاقتصادية الهائلة، وتوفير الغطاء السياسي لإسرائيل في كل المحافل الدولية. إنّ الإدارة الأميركية تدرك أكثر من ذلك أنّ نتنياهو المراوغ ينتظر فوز صديقه ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة (في 05/11/2024) ولكنها للأسف لا تتخذ أية مواقف حاسمة لإلزام نتنياهو بعقد صفقة ولو بشروط مبادرة بايدن التي أيدها مجلس الأمن الدولي.

سادساً: أسباب تتعلق بالوضع العربي والدولي حيث من الواضح أنّ الموقف العربي (وباستثناء الأردن الذي يبذل ما في وسعه) يكاد يتسم بالشلل والعجز عن الفعل المؤثر، وكذلك الموقف الدولي، ولعلّ نتنياهو يستمع في كل يوم إلى بيانات الشجب والإدانة من الأطراف العربية والدولية ويهز كتفيه استخفافاً لأنه يدرك أنه ما دامّ مسنوداً بصورة فعلية غير مسبوقة من الإدارة الأميركية ومن دول الغرب المهمة (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا) فإنه غير معني بكل الأصوات الأخرى.

وإذنْ فمتى يمكن أن ينتهي تَعنُت نتنياهو؟ إنه يمكن أن ينتهي في حالة واحدة لا ثانيّ لها وهي عندما يتيقن بأنّ هدفه في تركيع الشعب الفلسطيني من خلال التدمير، والتقتيل، والتجويع لن يفلح، وعندما يكتشف بأنّ نصره «المطلق» على المقاومة الفلسطينية هو وهم وسراب. إنّ هذه الحالة فقط (استمرار الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، والثبَات الباسل والفاعل) للمقاومة الفلسطينية هي الكفيلة فقط بزعزعة غرور نتنياهو وغطرسته وتشبثه بأوهام «النصر الكامل».

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF