عبدالكريم سليمان العرجان
في ضوء التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، تظل إيران محور اهتمام دولي، فدورها الإقليمي يتسم بالتعقيد والتشابك مع ملفات متعددة من الأمن إلى السياسة، ومنذ عقود، أصبحت إيران لاعبًا رئيسيًا في الصراعات الإقليمية، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم.. هل الرد الإيراني على التحديات والتهديدات المحيطة بها هو فعل حقيقي أم مجرد تصريحات دعائية؟
لطالما استخدمت إيران خطابًا سياسيًا قويًا يعكس لغة التحدي والصمود أمام الضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل، تصريحات القيادات الإيرانية، التي تمتلئ بالوعيد والتهديد، تعكس صورة صلبة أمام العالم، لكن يتضح مع الوقت أن هذا الخطاب غالبًا ما يكون أداة لتحقيق مكاسب سياسية على طاولة المفاوضات أكثر من كونه استعداد فعلي لتنفيذ التهديدات.
بالرغم من كثافة الخطاب الإيراني، إلا أن الأفعال على الأرض لا ترتقي غالباً إلى مستوى التصريحات، على سبيل المثال، تستعرض إيران قوتها من خلال دعمها للميليشيات في سوريا والعراق واليمن، ولكنها تتجنب الانخراط المباشر في صراعات كبيرة مع قوى كإسرائيل أو الولايات المتحدة، هذا التناقض بين القول والفعل يعكس واقعاً مفاده أن إيران تسعى لتحقيق أهدافها بأقل تكلفة ممكنة، مع الحفاظ على مسافة آمنة من المواجهات المباشرة.
قدرة إيران على تحويل تهديداتها إلى أفعال ملموسة تظل محدودة بفعل العقوبات الاقتصادية الدولية والضغوط الداخلية، الاقتصاد الإيراني يرزح تحت وطأة العقوبات، مما يؤثر على قدرة طهران على تمويل عملياتها الخارجية وتطوير قدراتها العسكرية، بالإضافة إلى ذلك، تعاني إيران من احتجاجات داخلية وسخط شعبي متزايد، ما يضطرها إلى التركيز على القضايا الداخلية بدلاً من المغامرات الخارجية، مما يجعلها تفضل استخدام الخطاب القوي كوسيلة للحفاظ على صورة القوة في أعين شعبها ومنافسيها.
في النهاية، يتضح أن الرد الإيراني هو قول أكثر من فعل، إيران تتحدث بصوت عالٍ وتستخدم خطاباً متشدداً كجزء من استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها الإقليمي، لكنها تتجنب في كثير من الأحيان تحويل تلك الأقوال إلى أفعال خشية من العواقب غير المحسوبة، هذا التوجه يعكس سياسة تعتمد على الكلام الكبير لتخويف الخصوم، ولكنها تنكفئ على نفسها عندما يتعلق الأمر بتنفيذ تلك التهديدات على أرض الواقع.
إيران تعرف جيدًا كيف تستفيد من شعاراتها في السياسة الخارجية، لكن الواقع يثبت أن هذه الشعارات غالباً ما تبقى حبرًا على ورق، الوقت وحده سيكشف إذا ما كانت إيران ستظل تتبنى هذا النهج الخطابي، أم أنها ستضطر في النهاية إلى مواجهة الحقائق على الأرض بواقعية أكثر.
كيف ستتعامل إيران مع الضغوط المتزايدة في ظل هذا التناقض بين خطابها القوي وأفعالها المحدودة؟