د. هبة أبو عيادة
هل تساءلت يومًا لماذا نشعر أحيانًا بأننا «مجبرون» على تكرار نفس الأفعال، ونفقد تلك الشرارة الإبداعية التي كانت تضيء عقولنا؟ هل فكرت ما سبب انطفاء الرغبة وشعلة النشاط لدى العاملين؟ هل تبادر لذهنك التساؤل عن سبب الاستقالة وترك العمل؟ هل تفكر بالسبب الحقيقي للاحتراق الوظيفي؟ إن الإبداع هو القوة الدافعة وراء التغيير والتطور، وهو ما يميزنا كبشر. ولكن، للأسف، هناك العديد من العوامل التي تسعى جاهدة لقتل هذا الإبداع، وتحويلنا إلى آلات بشرية تقوم بتنفيذ المهام الروتينية. في هذا المقال، أتناول بعض المكونات الأساسية لهذه «الخلطة السحرية» التي تدمر الإبداع، وكيفية تجنبها بمقالي المعنون بخلطة مجربة لقتل الإبداع: وصفة سهلة التطبيق لتصبح آلة بشرية.
مكونات الخلطة السامة التي يمارسها المسؤولون على العاملين في المؤسسات مما يفقدهم الشغف والحافزية في إنجاز المهام الموكلة لهم وتحقيق الأهداف المنشودة. بداية الخوف من الفشل والتركيز المفرط على النتائج المثالية بدلاً من عملية التعلم والتجربة، فبالتالي يخاف الموظف من خوض التجربة وينعكس الأمر سلبًا وتظهر العديد من الآثار الجانبية مثل التردد، تجنب المخاطرة، والالتزام بالأفكار التقليدية.
ومن أخطر وأشهر قاتلات الإبداع الروتين اليومي الممل القاتل من خلال تركيز المسؤول على تكرار نفس الأنشطة والتفكير بنفس الطريقة يومًا بعد يوم. والالتزام الحرفي في التطبيق والتنفيذ دون ترك أي مساحة للتفكير أو الإبداع أو استقلالية في إنجاز العمل، فينعكس على العاملين بفقدان الحماس، الملل، وصعوبة في رؤية الأشياء من زوايا جديدة.
دائما نركز ونؤكد على توفير بيئة جاذبة وآمنة وللأسف العديد من المسؤولين من شدة حرصهم أو جهلهم تسود المؤسسة بيئة سلبية نتيجة التعرض المستمر للانتقادات، المقارنات، والضغوط. فتتسبب بانخفاض الثقة بالنفس، القلق، وكبت الأفكار الإبداعية.
ومن الأخطاء الشائعة في المؤسسات أن يخاف المسؤول المباشر من تميز فريقه أو أحد العاملين ورغبته بنسب النجاحات والتميز لنفسه فقط وبالتالي الضغط على العاملين للانسجام مع المجموعة وحرفية تطبيق القوانين دون تميز وتجنب لفت الانتباه وبالتالي كبت الأصوات الداخلية، وتقليد الآخرين بدلاً من استكشاف الذات. وعلى النقيض تماما البعض لديه تركيز مفرط على الكمال و السعي وراء الإتقان التام في كل شيء، مما يؤدي إلى التسويف والمماطلة وبالتالي شعور العاملين بالإحباط المستمر، وعدم الرضا عن الإنجازات.
نصيحتي لكل مدير أو مسؤول أو رئيس قسم احتضن فريقك وحفزه على الإبداع فهو أساس النجاح والتميز والاستمرارية وتحقق الأهداف والسعي المستمر للوقاية من السم القاتل للإبداع، نصيحتي الأولى احتضن الفشل واعتبر الفشل فرصة للتعلم والتطور، وليس نهاية المطاف. ابدأ بنفسك وتجرأ على تجربة أفكار جديدة، حتى لو كانت غير تقليدية وستبهرك الأفكار الإبداعية من الفريق. ثانيًا اكسر الروتين؛ قم بتغيير الروتين اليومي بشكل دوري. واستكشف الهوايات الجديدة وتعلم المهارات المعاصرة وتابع المستجدات واحرص على الاستماع لكل جديد ومفيد. اخلق بيئة إيجابية وأحط نفسك بأشخاص يدعمونك ويحفزونك وابتعد عن الأشخاص السلبيين الذين يثبطون من عزيمتك. وكن على ثقة بنفسك وأفكارك وأعط الجميع حرية التعبير وإبداء الرأي لا تخف من التعبير عن رأيك بشكل مختلف. أخيرا سامح النقص وركز على الكمال والإيجابية فلا تسعى وراء الكمال المطلق، بل ركز على التقدم المستمر. وتعلم أن تقدر إنجازاتك مهما كانت صغيرة.
ختامًا إن الإبداع هو كنز ثمين يجب حمايته من التدمير. من خلال فهم العوامل التي تقتل الإبداع، يمكننا اتخاذ خطوات فعالة للحفاظ على شغفنا وفضولنا. تذكر أن الإبداع ليس موهبة فطرية، بل قدرة يمكن تنميتها وتطويرها من خلال الممارسة المستمرة والتفكير الإيجابي.