شهدت الساحة الفلسطينية والعربية توترات متزايدة في العقد الأخير، خاصة مع تكرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبينما كانت القوى العالمية مشغولة بإصدار البيانات والخطابات التي تفتقر إلى الفعالية الحقيقية، ظهر الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية كصوتٍ يسعى بجدية لحل الأزمة من جذورها.
منذ الأيام الأولى لتفاقم الوضع في غزة، حذر الملك عبدالله الثاني من تداعيات التصعيد العسكري على المدنيين الأبرياء، محذرًا من أن استمرار العدوان سيؤدي إلى كارثة إنسانية قد تتجاوز حدود القطاع، وفي حين كانت الدول العظمى تتنافس في إصدار الخطابات الرنانة، كان الملك عبدالله يدعو إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية وجادة لوقف العدوان والعمل على حل دائم للقضية الفلسطينية.
في الوقت الذي اكتفت فيه بعض الدول بإطلاق التصريحات الإعلامية، قامت الأردن بتفعيل قنواتها الدبلوماسية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، كان الملك عبدالله الثاني على اتصال مستمر مع القادة العالميين، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، مشددًا على ضرورة وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لمساعدة سكان غزة.
لم تكن جهود الملك عبدالله لحل أزمة غزة محصورة فقط في وقف العدوان الأخير، بل كانت جزءًا من رؤية أوسع لحل شامل للقضية الفلسطينية. فقد أكد مراراً وتكراراً أن السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
لو أن الدول العظمى استمعت إلى تحذيرات الملك عبدالله منذ البداية وتعاملت بجدية مع مقترحاته، لربما كانت الأحداث في غزة تأخذ منحىً مختلفًا، فبدلاً من التركيز على ردود الأفعال الميدانية، كان بالإمكان تجنب كثير من المآسي التي شهدناها على مدار سنوات الصراع.
رغم أن بعض وسائل الإعلام العالمية أشارت إلى جهود الملك عبدالله الثاني، إلا أن تلك الإشارات غالباً ما كانت تفتقر إلى العمق الذي تستحقه، فبينما كانت التصريحات الدولية تدور حول الأضرار المباشرة للعدوان، كانت رؤية الملك عبدالله تهدف إلى وضع حدٍ للصراع من جذوره.
مع استمرار التوترات في المنطقة، يبقى الدور الأردني محوريًا في أي جهد يهدف لتحقيق سلام دائم وشامل، إن الدول العظمى مدعوة اليوم للتفكير بجدية في التوجه نحو حلول عملية بدلاً من الاكتفاء بالخطابات السياسية، دعم الجهود الأردنية في هذا السياق قد يكون خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة، فالملك عبدالله الثاني، بخبرته ومعرفته العميقة بالقضية الفلسطينية، يستحق دعمًا أكبر من المجتمع الدولي للتمكن من قيادة جهود تحقيق السلام.
رغم وضعه الحدودي الحساس مع إسرائيل، لم يتراجع الأردن يومًا عن دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، فمنذ توقيع معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية في عام 1994، تمكنت المملكة الأردنية الهاشمية من الحفاظ على توازن دقيق بين التزامها بالمعاهدات الدولية وموقفها الداعم للشعب الفلسطيني، حيث ظلت الأردن في مقدمة الدول التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين، وتدعو لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفي كل مرة تصاعدت فيها الأوضاع في غزة أو القدس، كان الأردن في الصف الأول من خلال توجيهاته الدبلوماسية وتقديم الدعم الإنساني والمادي، مما يعكس التزامه التاريخي والأخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني.