لا بد من إطلالة مع فصل الصيف على شرفات للراحة والجمال والتدبر في عالم الزراعة ومنها الى التراث الشعبي والاستغراق في العديد من المأثورات وما يخص العنب والتين رفيقا درب من يعني لهم طعم الحياة من الحلاوة والجمال والطيب الكثير.
لفت انتباهي حكمة الصبر في عبارة «حتى يستوي العنب والتين» للدلالة على تحمل حرارة الصيف وانتظار النضج بمراحله ومتطلباته وعلاماته والمرتبطة بالقطاف والتمتع بالمذاق اللذيذ في وقته المحدد.
لعلها دعوة للنظر إلى التوازن المنشود من الانتظار لحين النضج وتتبع علاماته والقناعة بأن لكل نتاج وقته وميعاده والتدبر أيضا في فلسفة الانتظار تلك واللازمة للحصول على المسرة والمتعة سواء في لون وطعم العنب والتين وعالمها من الجمال والروعة.
تعني العبارة وتنصح بعد الاستعجال، يمكن قطف العنب والتين قبل موعد نضجه ولكن الخسارة والندم تكون النتيجة لذلك، فهل نطبق تلك المعادلة على أسلوب الحياة من خلال الانتظار لحين النضج وعدم التسرع وإصدار الأحكام؟
لا بد من الإبحار قليلا في عالم الجمال المرتبط بثريات الذهب (العنب) والدمعة (التين) والاستغراق في ما يتوفر فيهما من فوائد صحية ونفسية حين تناولها في موسمها وحتى عند تجفيفهما فيما بعد وتناولهما في موسم الشتاء.
عالم الأمثال والتراث الشعبي فيهما من الوصف الكثير من الروعة والتعبير والقرب من التجربة والخبرة والنصيحة والطرافة، ولعلنا مع ثنايا انتظار نضج العنب والتين وتحمل حر الصيف الضروري للنضج، أن نقف عند تلك النوافذ المشرعة لنطل من خلالها إلى قصة النمو في جوانب الحياة ومتطلباتها دون الاستعجال لقطف ثمار التعب دون استواء ونضج حقيقي.
سعدت بالاطلاع على موقع وزارة الثقافة والجزء الخاص بقسم التراث الثقافي غير المادي والكتب والأبحاث في هذا المجال، فلا بد من تقدير هذا الجزء من التوثيق للكثير من الجوانب ذات الصلة بالتراث لما فيه من فائدة شيقة وممتعة.
قد تكون للتعليقات عن نفاد الصبر نتيجة الحر الشديد وما يفيد بأن الناس استوت قبل العنب والتين، ما يشير إلى عدم القدرة على التحمل والعيش في الظروف الصعبة وعدم القدرة على التكيف ريثما تتغير الظروف وتتحسن.
لا بد من عيش جميع الفصول وتحمل ظروفها؛ تلك حكمة وتدبير رباني وتقدير لكل مرحلة وفصل يكون ويلزم لما يليه من حدث وطبيعة؛ لولا الشتاء لما نبتت باذن الله بذور الأمل في النفوس لموسم زراعي وانتظار الحصاد.
ينطبق الأمر على الصبر واحتياجه لدرجات حرارة عالية للنضج والتمتع بمذاق الحلاوة في كوز الصبر رغم الشوك، والمناداة بذلك بفرح وسرور: «على الله الجبر يا صبر»، والعديد من عبارات نتاج الانتظار بشوق وشغف لا مثل له وحلاوة.
"حتى يستوي العنب والتين»، رحلة تحتاج لدرجات حرارة عالية ومبرر لنضج لا بديل عنه، إلى ذلك لا بد من الانتظار وحسب وتحمل!