رعى سموّ الأمير هاشم بن الحسين، مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، افتتاح مشروع الإعمار الهاشمي الرابع للمسجد الحسيني الكبير وسط العاصمة عمّان، ومع هذا الإنجاز الوطني لا بد من الإشارة والشكر والتقدير لجميع من لبى ونفذ الأمر الملكي السامي عام 2021.
لإنشاء قبة سماوية زجاجية لتغطية الفناء الداخلي للمسجد بعد تضرّر مظلة الرواق الخارجية من جراء تراكم الثلوج عليها، وتوسعة المساحة المخصصة للمصلين، وحمايتهم من الظروف الجوية المختلفة.
قبل فترة قصدت وسط البلد لأخذ قسط من الراحة والإطمئنان واستنشاق عبق الذكريات، وكم سعدت بمنظر التطوير والتحديث وبالأحرى الإعمار الهاشمي لهذا الركن العمّاني الجميل بحق والتعرف على تفاصيل مشروع الإعمار والذي يتضمن تغطية فناء المسجد الداخلي بسقف زجاجي ذي هيكل مدني بزنة 50 طنا، إضافة إلى الزخرفة الهندسية الإسلامية والجوانب الزجاجية مع فتحات متحركة لغايات التهوية، إلى جانب تجهيزات لضمان السلامة والأمان، ومظهر جمالي يحافظ على الهوية التراثية للمسجد وتأهيل أرضية الفناء والواجهات الداخلية المحيطة به، وتوحيد الأشكال وأبعاد الأقواس، مع الإبقاء على البركة الصغيرة والقبة الخضراء، التي تعلوها وسط الفناء بعد إعادة تأهيلها، وتأهيل 16 من الأعمدة الحجرية التي تحمل السقف الزجاجي بعد إجراء أعمال التقوية الإنشائية من خلال القواعد والأعمدة والتيجان، فضلا عن إزالة التشوهات البصرية وتنظيف حجر الواجهات الخارجية، وإعادة تبليط الساحة الخارجية وإزالة المعيقات منها، وعمل منحدر لذوي الإعاقة.
يشكل المسجد الحسيني لأهل عمّان ذاكرة التجمع واللقاء والذكر والصلاة وتلاوة القرآن والعديد من المناسبات ومنها صلاة العيد والتشرف برؤية الملك المؤسس عبد الله الأول والملك طلال رحمهما الله والراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، وزيارة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه وأطال في عمره.
جملة من الذكريات ما تزال حاضرة أمامنا ونحن من أجيال الستينيات العمّانية والإطلالة على محيط عمّان والانتقال لكل زاوية وركن فيه شهد نمونا مع عمّان الحبيبة وثنايا حكاية التطور والزحمة والشوارع المؤدية إلى كل التفاصيل القديمة والحاضرة وما سوف نورثه من بعدنا للأجيال القادمة.
كمعلومة مفيدة ومناسبة في هذا المجال فقد شهد المسجد الحسيني الكبير أعمال ترميم وإعادة إعمار متواصلة ابتداء من الإعمار الهاشمي الأول عام 1923 بإنشائه على أنقاض المسجد العمري القديم، والإعمار الهاشمي الثاني عام 1952 والثالث عام 1987 في عهد المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال، ومنذ أن اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني العرش، تواصلت مسيرة إعمار المسجد، إذ أمر جلالته في عام 2019، بتجهيز منبر ومحراب جديدين، وواجهات خشبية مزخرفة، وتغطية أعمدة المسجد بالفسيفساء المقطعة يدويا، عقب حريقة شبّ في المسجد.
يطول الحديث عن المسجد الحسيني وما يشكله من راحة حقيقية لمن يقصده وعمّان على وجه الخصوص ومن يستذكر مثلنا جميع من كان من رواده من رجال الدين والتجار والعلم والمعرفة ومن جاور المسجد وحرص على أداء الصلاة فيه بانتظام ومن انتقل منهم إلى رحمة الله ورضوانه ومن لايزال من زواره إلى يومنا هذا، يحمل في نفسه توقا خاصا وألقا يميزه عن غيره من مساجد العاصمة قاطبة.
يمكن وبشكل عام الاهتمام بمحيط المسجد الحسيني دون إلحاق الأذى والضرر للمحال والمرافق التي هي جزء مهم من تاريخ عمّان، ويمكن الاهتمام أكثر بالمعالم التاريخية مثل سبيل الحوريات والساحة الخلفية لشارع قريش وأفكار عديدة لترويج عمّان سياحيا من المدرج الروماني وحتى سقف السيل والمصدار والمهاجرين وموقع أمانة عمّان ومشاركة أصحاب المحال في وسط البلد بالأفكار والمشاريع والتطلعات المستقبلية وسعدت بزيارة موقع وقفية ثريد الملاصق للمسجد الحسيني وما يعنيه من رمزية دينية مميزة.
وكعادتهم الهاشميين وعلاقاتهم التاريخية مع المساجد ورعايتهم لبيوت الله ومقامات الصحابة والجامعات، فإن دورهم محمود في هذا المجال ونسأل الله أن يجزيهم خيرا وثوابا وبركة في الدارين.