تتكرر هذه العبارة على ألسنة الكثير من السياسيين، وهي واحدة من الأكاذيب التي يرددها هؤلاء! وغالبية تصريحات السياسيين بكافة «أصنافهم»، سواء كانوا قادة دول، أو مرشحون يتنافسون في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أو زعماء أحزاب يسوقون برامج أحزابهم، وحتى في انتخابات النقابات والجمعيات وأنا لا أعمم هنا، لكن الحقائق تشير إلى أن نسبة كبيرة جدا مما يقوله هؤلاء هي مجرد أكاذيب!.. وأكبر دليل على ذلك أن الزوايا يستحيل تدويرها..!
ويمكن الاستشهاد بآلاف النماذج على أكاذيب السياسيين.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت المناظرة بين المرشحين للرئاسة الأميركية الديمقراطي جو بايدن والجمهوري دونالد ترامب، التي نظمتها شبكة «سي ان ان» التلفزيونية قبل أيام حاشدة بالأكاذيب، وهو ما رصده المراقبون واستطلاعات الرأي العام، وان كان الاهتمام تركز على خسارة الرئيس الحالي بايدن في المناظرة لأسباب عديدة، لكن منافسه ترامب الذي بدا أنه اكتسح منافسه، تميزت اجاباته بكم هائل من الأكاذيب، وكان الاتفاق الوحيد بينهما التنافس حول كيفية دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، لانهاء حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة!.
وفي إطار أكاذيب السياسيين تنافس في إيران الشهر الماضي ستة مرشحين لموقع رئاسة الجمهورية، لخلافة الرئيس السابق ابراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم مروحية قبل أسابيع، وخلال حملاتهم الانتخابية باع المرشحون الناخبين الكثير من الأكاذيب لتحسين أوضاعهم المعيشية، وهم يدركون جيدا أن المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، هو من يمسك بمفاصل الدولة ويساعده في ذلك الحرس الثوري!
وقصة الكذب والانتهازية في السياسة ليست جديدة، فقد كانت حقيقة مؤكدة منذ قرون بعيدة عبر التاريخ، ويمكن القول أن من وضع حجر الأساس النظري لها، هو الفيلسوف والكاتب الايطالي نيكولو مكيافيلي في كتابه «الأمير»، وهو العمل الأبرز له في القرون الوسطى.
ويستعرض في الكتاب بدقة الجوانب العميقة للقيادة والسلطة، التي تجاوزت التقاليد الأخلاقية والإيديولوجية، لتستقر في ميادين الواقعية السياسية.
ولكن، ليس هناك مكان في هذا الكتاب للحاكم الأخلاقي النظيف، بل يصوره مكيافيلي، أنه يمتزج فيه القسوة واللطف، الجشع والعطاء، والحب والخوف، بحسب الحاجة!
وبحسب مكيافيلي، فأن القوة هي أداة ضرورية لتأمين السلطة. لكنها ليست كافية بمفردها ويجب على الحاكم أن يكون ذكيا وحذرا، يتفادى الأخطار ويغتنم الفرص!
في جميع الأحوال، يشدد مكيافيلي على أن الحاكم يجب أن يكون على استعداد للتصرف بشكل غير أخلاقي، إذا كان ذلك ضروريًا للحفاظ على السلطة!
ويمكن العودة أبعد من عصر ميكافيلي، الى قصة البيعة ليزيد بن معاوية كما وردت
في كتاب «الإسلام وأصول الحكم »، للمفكر المصري الراحل علي عبد الرازق. وتلخص هذه الحادثة نهج انتقال السلطة في التاريخ، وجاء في الكتاب: «قام أحد الدعاة إلى تلك البيعة خطيبا في الحفل، فأوجز البيان في بضع كلمات، وقال: «أمير المؤمنين هذا» وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا «وأشار إلى يزيد»
فمن أبى فهذا «وأشار إلى سيفه»!
ومن الواضح أن ذلك الخطيب كان من كبار المنافقين في ذلك الزمان.. ولا يزال المنافقون يتصدرون المجالس حتى اليوم.