خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

«اليوم التالي للحرب»: تعقيداته ومآلاته!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

لعلّ من أكثر المصطلحات السياسية استعمالاً في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة مصطلح «اليوم التالي للحرب» والمقصود به: ما الاستراتيجية التي يجب أن تُعتمد في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، والواقع هو أنّ إسرائيل لم تعتمد استراتيجية مُحدّدة لهذا الغرض وإلى درجة أن وزير دفاعها «جالانت» صرّح قبل أيام بأنه كان يحُث رئيس الوزراء نتنياهو دائماً على اعتماد تصور «أيّ استراتيجية» لما بعد الحرب، كما أن رئيس الأركان الإسرائيلي «هاليفي» تضايق من عدم وجود استراتيجية لأنّ ما سماه «الإنجازات» العسكرية التي قدمها الجيش الإسرائيلي قد «تتآكل» بسبب عدم وجود مثل هذه الاستراتيجية.

والحقيقة التي لا يستطيع أيّ محلّل سياسي موضوعي أن ينكرها هي أنّ بلورة استراتيجية لما بعد الحرب غير مُمكنة بفعل عدم حسم المعركة عسكرياً حتى الآن، فإسرائيل كانت تعتقد أنها تستطيع من خلال حربها التدميرية التي انطوت على التهجير، والترويع، والتجويع هزيمة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس خلال أسابيع على الأكثر وبالتالي تفرض الاستراتيجية التي تراها مناسبة، ولكن الصمود البطولي للمقاومة، والموقف الأسطوري للشعب الفلسطيني الذي تحمّل آلام التهجير (داخل القطاع لعدة مرات) والقتل (ما يزيد عن 35,000 شهيد) والتجويع (وبالذات في شمال غزة) جعل استراتيجيات نتنياهو وتياره السياسي اليميني المُتطرف في مهب الريح وبحيث اعترف نتنياهو بأنه بدون هزيمة حماس هزيمة نهائية فإنه لا معنى لوضع استراتيجية لما بعد الحرب.

ولعلّ ما يجعل وضع مثل هذا التصور لليوم التالي للحرب أمراً غير ممكن أنّ الأطراف ذات العلاقة حذِرَة ولا تريد أن تتورط فيما قد يكون غير مناسب أو غير عملي، فالإدارة الأمريكية وهي الداعم الأكبر لإسرائيل لا تستطيع وضع تصور لليوم التالي لأنها مُطالبة من الأطراف العربية بأن تعترف بالدولة الفلسطينية وتلتزم بجدول زمني لتنفيذ ما تقول أنها مؤمنة به وهو حل الدولتين والسلطة الوطنية الفلسطينية وهي التي تعاني من هبوط شعبيتها في الشارع الفلسطيني لا تريد أن تتّورط في مساعدة إسرائيل على «ترتيب» أمورها بعد الحرب بدون أن يكون لها دور فعلي ومقبول من جميع الفصائل وفي إطار برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وبخاصة أن صورتها مهزوزة أصلاً وهي مُتّهمة بأنها أضاعت ثلاثين سنة وراء سراب اتفاقيات أوسلو التي لم تُفرز غير مزيد من الاستيطان والإرهاب الإسرائيلي.

والدول العربية لم تعد قادرة أو راغبة في أيّ تعاون مع اسرائيل أو راعيتها الولايات المتحدة إلّا بعد تلبية شرطها التاريخي وهو إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمبادرة العربية في (2002)، والشرعية الدولية المتمثلة فيما يُسمى حل الدولتين.

والدول الأوروبية (دول الاتحاد الأوروبي) وبريطانيا لا تملك من الأمر شيئاً كثيراً فهي في الواقع تابعة للولايات المتحدة على الصعيد السياسي وهي -وإن أبدت بعض التحفظات والتصريحات- لا تستطيع أن تغادر المربع الأمريكي.

أما الدول التي تقف بالضد من سياسة الولايات المتحدة كروسيا والصين فهي إمّا مشغولة بحربها المستعرة الخاصة بها مثل روسيا، أو أنها ما زالت تبني نفسها وتريد أن تجد مكاناً لها على المسرح الدولي ولكن بتدرج وهدوء وبما لا يهدد مصالحها الاقتصادية.

ماذا يعني كل هذا؟ إنه يعني حالة استعصاء فإسرائيل عاجزة عن تحقيق نصر حاسم يُمكّنها من فرض إرادتها ووضع استراتيجيتها (التي قد تكون قيد الإعداد) موضع التنفيذ، والمقاومة الفلسطينية بزعامة حماس تكتفي بالضربة الهائلة التي وجهتها لإسرائيل وهزّت بها الإقليم بل والعالم ولكنها لا تستطيع إلّا أن تصمد حتى النهاية في وجه الهجمة الإسرائيلية الشرسة آملة أن يكون حصيلة كل ذلك تنفيذ حل الدولتين وإنشاء الدولة الفلسطينية وبخاصة أن دول العالم صوتت (أكثر من 143 دولة) إلى جانب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والأجيال الشابة والواعية على مستوى العالم أخذت تتحرك مطالبةً بإنصاف الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقه في تقرير المصير وتحريره من الاحتلال الإسرائيلي.

إن الحراك الطلابي الأخير ليس فقط في الولايات المتحدة (جامعات النخبة: هارفارد، MIT، كولومبيا، برنستون، ييل....) أو في أوروبا (أكسفورد، كامبردج في بريطانيا، السوربون في فرنسا)، بل على مستوى العالم (كندا، أستراليا، اليابان)، أصبح مُدوّياً ومسموعاً وكله يُؤشّر على أن اليوم التالي للحرب لا يجوز أن يكون غير الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني.

نعم إنّ حالة «الاستعصاء» ما زالت قائمة، ولذا فإنّ «اليوم التالي» غير واضح بعد، ولكنّ المؤشرات كلها تدل على أن «اليوم التالي» هو لفلسطين برغم كل التضحيات والدماء ومن يَعشْ يرَ.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF