د. عدلي قندح
في ذكرى عيد الاستقلال الثامن والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، نستحضر بفخر تاريخ المملكة العريق وإنجازاتها في مختلف المجالات، والتي حققتها بفضل الرؤية الثاقبة للقيادة الهاشمية وجهود أبناء الوطن المخلصين.
نألت المملكة الأردنية الهاشمية استقلالها عام 1946، بعد خمس وعشرين عام على تأسيس الدولة الاردنية، ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد تطورًا ملحوظًا في بناء المؤسسات الوطنية التي أصبحت أساسًا قويًا لدعم الاستقرار والنمو. وقد عملت الحكومات المتعاقبة، بتوجيه من الملوك الهاشميين، على تأسيس هياكل إدارية متينة وتنفيذ خطط تنموية مستدامة، مما ساهم في تعزيز سيادة القانون وتطوير البنية التحتية.
سعت المملكة، في السنوات الأخيرة، إلى تحقيق الاعتماد على الذات في الموازنة العامة، وذلك من خلال تنفيذ عدة برامج إصلاح اقتصادي جريئة تهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية وزيادة الإيرادات المحلية. وقد تم تحقيق ذلك عبر تحسين كفاءة جمع الضرائب وتوسيع قاعدة الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي.
في مجال الغذاء، أطلقت الأردن مشاريع زراعية تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير والأعلاف والعديد من المحاصيل الزراعية التي نجح انتاجها على أراضي المملكة مستفيدين من التنوع المناخي، مثل الزيتون وزيت الزيتون والألبان والبندورة والبطاطا وغيرها، مما ساعد في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي.
أما في قطاع الطاقة، فقد خطت المملكة خطوات كبيرة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح. تعتبر الأردن اليوم نموذجًا في المنطقة في تبني مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث وصلت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في اجمالي الطاقة الكهربائية الى حوالي 30%.
في مجال التعليم، أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا بتطوير النظام التعليمي من خلال تحديث المناهج الدراسية، وتوسيع قاعدة التعليم المدرسي والجامعي، وتعزيز البحث العلمي. أسفرت هذه الجهود عن تحسين جودة التعليم وزيادة فرص الحصول على تعليم متقدم للشباب الأردني.
وفي قطاع الصحة، استثمرت الدولة بشكل كبير في تطوير الخدمات الصحية والبنية التحتية الطبية، مما أدى إلى تحسين مؤشرات الصحة العامة وزيادة متوسط العمر المتوقع. كما ساهمت الجهود المستمرة في مكافحة الأمراض وتوفير الرعاية الصحية الشاملة في تعزيز الصحة العامة للمواطنين.
شهدت المملكة تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الطرق والمطارات والموانئ. هذه التحسينات لم تعزز فقط من الحركة الداخلية والنقل، بل جعلت الأردن قريبا من أن يصبح مركزًا لوجستيًا إقليميًا مهمًا. كما تم تعزيز الخدمات العامة مثل المياه والكهرباء والاتصالات، مما رفع مستوى المعيشة وعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني.
يمثل العنصر البشري في الأردن ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة. يتميز الأردنيون بكفاءتهم ومهاراتهم العالية، وقد ساهموا بشكل كبير في الاقتصاد المحلي والاقليمي والدولي من خلال تحويلاتهم المالية التي تُعد من أهم مصادر العملات الأجنبية للمملكة لبناء احتياطيات كبيرة وزيادة نمو الناتج المحلي الاجمالي. تعكس هذه التحويلات ليس فقط مساهمة الأردنيين في الخارج في دعم أسرهم، بل أيضًا التزامهم الوطني في دعم اقتصاد بلدهم الأم.
في هذا اليوم الوطني المجيد، نتذكر بفخر واعتزاز الإنجازات العظيمة التي حققتها المملكة الأردنية الهاشمية على مدار 78 عامًا. ونتطلع إلى المستقبل بتفاؤل وإصرار على تحقيق المزيد من التطور والازدهار تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده المحبو سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. كل عام والأردن بخير وعزة وازدهار.