لا أنوي أن أكتب عن شخصية مرموقة من ذات الألقاب والأضواء وتحظى بالمحيطين المعجبين وغير المعجبين، ولا أشرع في الكتابة عن أحد أصحاب النفوذ البعيد والحظوة الواسعة، ولا أرغب في الكتابة عن ممن يتحدث عنهم الناس عادة وباستمرار، كمشهورين أو متميزين أو لامعين، أو أصحاب سلطة أو حضور. ولكنني سوف أكتب عن رجل بسيط متواضع هادئ، وعرف عنه هذا الهدوء الدائم، غير أن وراء هذا الهدوء عمل كبير صاخب، له الحضور الواسع وله مناقشاته الساخنة، وله تعليقاته المتعددة الأبعاد والمعاني، وله طرح قوي للرأي والرأي الآخر، الذي يتقاسمه المؤيدون والمعارضون، على حد سواء وفي نفس الوقت.
هذا الشخص البسيط الهادئ هو المرحوم كايد هاشم، الأمين العام المساعد السابق لمنتدى الفكر العربي... الذي يتخذ من العاصمة الأردنية مقراً له، ويرأسه ويرعاه سمو الأمير الحسن بن طلال... هذا الشخص الذي عز نعيه على كل من يعرفه، بخصاله الطيبة وسجاياة المشهودة، وعلى من تعامل معه، ولمس حسن تعامله مع المتحدثين ومع المستمعين والمناقشين، وكذلك ممن برمج لأسمائهم المعروفة وموضوعاتهم الحساسة، ودعا الناس من كل الأطياف والاتجاهات والجهات والمناطق والأصقاع، ليستمعوا اليهم ويحاوروهم، ويتفقوا مع وجهات نظرهم أو يختلفوا معها.
هكذا كان كايد هاشم الذي أمضى في خدمة منتدى الفكر العربي العديد من الأعوام، وكان حريصا على استقبال ضيوفه وبشوشا عند استقبال رواده، معظم سنوات نشاط هذا المنتدى الحيوي النشيط، الذي يستقطب المحاضرين والمنتدين، من مختلف الأنحاء داخل الأردن وخارجه، لا بل من داخل الوطن العربي ومن خارجه، وبانتقاء محكم للمؤهلات الخاصة لكل شخص منهم، وكذلك للموضوعات التي يتحدثون بها، ويتوخى منها أن تبحث في امور الساعة والقضايا المصيرية والمسائل القومية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية والوحدة العربية والتحرر السياسي والاقتصادي والعدالة الأجتماعية، وكذلك حقوق الأنسان وحرية الرأي والأخوة العربية.
إن كل من ارتاد منتدى الفكر العربي أو حاضر وانتدى فيه، أو كتب مقالات او أعد دراسات ووضع تحليلات، رغب في نشرها في مجلة (المنتدى) العريقة الغراء، لا بد أن يمر هذا الكاتب الى مكتب كايد هاشم الذي يشرف على نشر هذه الموضوعات في مجلة المنتدى، أو تقديمها كمحاضرات او يشارك بها أصحابها في ندوات أو مؤتمرات، او حلقات دراسية يعلن عنها المنتدى، عندما يكون بصدد تنظيمها أو الأعتناء بها أو اثارتها أمام الرأي العام العربي، ولعناية النخبة المفكرة المستنيرة فيه.