خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مآلات تواجهها إسرائيل لأول مرة في تاريخها

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

إنّ مما لا شكّ فيه أنّ «السابع من أكتوبر» كان انعطافة (Turning Point) مهمة في تاريخ الدولة العبرية، حيث مسّت هذه الانعطافة بنظريتها الخاصة بالأمن والردع، وأظهرت هشاشتها النسبية أمام نفسها، وأمام الإقليم، وأمام العالم. والواقع أنّ «السابع من أكتوبر» أفرز أحداثاً ومآلات تواجهها إسرائيل لأول مرة منذ إنشائها في عام 1948، ولعلّنا نُلخص هذه الأحداث والمآلات على النحو الآتي:

أولاً: (طول مدة الحرب):

لقد اعتمدت إسرائيل دائماً استراتيجية «الحرب الخاطفة»، و"نقل المعركة إلى أراضي الخصم»، ولذا نلاحظ أنّ جميع المعارك التي خاضتها ضد العرب لم تَدْم سوى أيام أو أسابيع (1956، 1967، 1973) وحتى تلك التي خاضتها ضد دول عربية بعينها (لبنان 1982)، أو ضد تنظيمات فصائلية (حزب الله، 2006، المواجهات العديدة مع حماس بين عامي 2007-2021)، لم تَزِد مدتها عن ذلك، أمّا معركتها الحالية ضدّ المقاومة الفلسطينية فقد تجاوزت السبعة أشهر حتى الآن، والطريف في الموضوع أنها هي (أيّ إسرائيل) التي تصّر على استمرار الحرب لأنها تدرك في الحقيقة أنها -وبرغم مرور كل هذه المدة- لم تحقق أهدافها المُعلنة في القضاء على حماس، واسترداد الأسرى، وعدم السماح لقطاع غزة بأن يشكل مرةً أخرى خطراً عليها.

ثانياً: (تهجير السكان):

لقد اضطرت إسرائيل -وللمرة الأولى في تاريخها- أن تهجّر «مواطنيها» فقد أُجبرت استعداداً للمعركة لإجلاء كل سكان منطقة غلاف غزة (ما يزيد عن 70 ألف)، وسكان المناطق الشمالية المواجهة لجنوب لبنان (ما يزيد عن 100 ألف). صحيح أن هذا التهجير حصل في إطار استعداد الدولة للحرب، ولكنه يظل تهجيراً بكل ما يعنيه ذلك للسكان، وبكل ما يعنيه ذلك من كلفة كبيرة تتحملها الدولة والمجتمع الإسرائيلي، وغني عن القول أن من غير الواضح متى تستطيع إسرائيل إعادة هؤلاء «المُهجّرين» إذْ إنّ ذلك مرهونٌ بإنهاء الحرب سواء في قطاع غزة، أو على جبهة الشمال الإسرائيلية المقابلة للجنوب اللبناني.

ثالثاً: (المشاركة الغربية الفعلية في الحرب):

إنّ دعم إسرائيل ومنذ نشأتها هو أحد مُسلّمات السياسة الغربية فبريطانيا هي صاحبة «وعد بلفور» الذي أسّس لقيام إسرائيل، والولايات المتحدة كانت أول دولة في العالم تعترف بالكيان الجديد، وبقية دول الغرب لم تدّخر جهداً في تقديم كافة أشكال الدعم لهذا الكيان، والواقع أن السياسة الغربية كانت تحرص دوماً على أن تتفوق إسرائيل عسكرياً (من الناحية النوعية) على جميع جيرانها، ومن هنا فقد تداعت الدول الغربية (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا....) لإظهار الدعم لإسرائيل بعد «السابع من أكتوبر» «مباشرة»، ولكن ما حدث للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل وفي سياق هذه الحرب أن بعض هذه الدول (أمريكا، بريطانيا، فرنسا) شاركت فعلياً في الدفاع عن إسرائيل عندما تعرّضت للهجوم الإيراني بالصواريخ والمسيرات فهي لم تكتفِ بالدعم كما كانت تفعل سابقاً بل بادرت إلى المشاركة الفعلية في المعركة، الأمر الذي كان غير مسبوق في الواقع، وهو يعني ببساطة أن الغرب يتكفل بحماية إسرائيل حتى لو أدّى الأمر إلى خوض المعارك إلى جانبها بشكل فعلي ومباشر.

رابعاً: (خسارة الصورة أمام العالم):

لقد دأبت إسرائيل على تقديم نفسها للعالم كدولة صغيرة في محيط معادٍ، وعلى أنها «ضحية» وبالذات لنزعة «اللاسامية» التي تجلت في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ولكن مع نشوب الحرب الإسرائيلية على غزة وما انطوت عليه من تهجير قسري وتدمير وترويع وتجويع لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبدرجة أقل في الضفة الغربية اكتشف العالم أنّ إسرائيل دولة مارقة لا تتقيد لا «بالقانون الدولي» ولا «بالقانون الدولي الإنساني» ولا حتى بأخلاق الحروب، وقد ترتب على هذا أن المظاهرات خرجت في معظم عواصم العالم ومدنه الكبرى تندّد بإسرائيل وتُدين مجازرها وتُطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار، وقد كان ملفتاً أن الأجيال الشابة وبالذات طلبة الجامعات في كثير من الدول (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، كندا) خرجت معترضةً على السلوك الهمجي الإسرائيلي في الحرب ومطالبةً بإنهاء الاحتلال، وقد كان شعارها (Free Palestine) مُجلجلاً في كل مكان مُرفقاً بالعلم الفلسطيني الذي لم يكن يُتوقّع أن يرفرف يوماً في معظم الدول الغربية، وباختصار وللمرة الأولى في تاريخها تخسر إسرائيل صورتها أمام العالم وتقف مكشوفة أمام الرأي العام العالمي.

خامساً: (الإدانة من قبل المنظمات الدولية):

لقد تعاملت إسرائيل تاريخياً بازدراء مع المنظمات الدولية رغم أنها أُنشئت بقرار من الأمم المتحدة، و تلقت الحماية السياسية الدائمة من الدول الغربية (وبالذات من الولايات المتحدة) في المؤسسات التابعة لها، وقد بلغ الأمر بها أنها كانت تصف الأمم المتحدة «بساحة النفاق الدولي»، غير أنّ ما حصل في سياق حربها على غزة أنّ هذه المنظمات لم تقف معها بل أدانتها جميعاً بدءاً بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ومروراً «بالأونروا»، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة العفو الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، لكن الطامّة الكُبرى لإسرائيل كانت عندما تعرضت للاتهام «بالإبادة الجماعية» من قبل محكمة العدل الدولية، صحيح أنّ قرار الإدانة لم يتخذ بعد، ولكن مجرد قبول الاتهام من قبل المحكمة هو ضربة معنوية هائلة لإسرائيل التي كانت تتباه دائماً أمام العالم بأنها هي ضحية الإبادة الجماعية في ألمانيا النازية، وها هي محكمة الجنايات الدولية -وكما يُشاع- في صدد إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل «نتنياهو»، ووزير دفاعه «جالانت»، ورئيس أركان جيشه «هاليفي».

وبكلمات مختصرة، فإنّ إسرائيل التي كانت تَستّدر العطف من معظم الهيئات والمنظمات الأممية أصبحت موضع شجبها وإدانتها، وهذا في الواقع غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية التي طالما حظيت بالعطف والدعم والمُساندة.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF