حصول منتخب «النشامى» لكرة القدم على المرتبة الثانية على المستوى الآسيوي، بعد النجاحات المُبهرة التي حققّها في المباريات الصعبة خلال البطولة، يُعد إنجازاً تاريخياً وقفزة نوعية.
وهو إنجاز وقفزة لهما دلالاتهما في سياق كرة القدم وخارجه.
من أهمها أن التخطيط السليم والعمل الجماعي المنظم يُؤتيان أكلهما. فمنذ مدة، وبالتحديد منذ أن تسلّم سمو الأمير علي زمام الأمور، وهو وطاقمه الإداري يعملون بإخلاص وموضوعية وتفكير مُنظّم على تحقيق الأهداف.
عدة إنجازات مهمّة تحققت منذ بدء العمل؛ كان آخرها هذا الإنجاز التاريخي، والذي ستضاف إليه – بإذن الله – إنجازات أخرى لا تقل أهمية عنه.
ومن أهم الدلالات كذلك أنّ اختيار المدير الفني المميز يعد ركناً أساسياً في تحقيق النجاح. وهذا أمر واضح وضوح الشمس في السياق الرياضي وغيره. فوراء كل فريق يُحقق نجاحاً لافتاً مدرب موهوب.
ومن أهم الدلالات أيضاً أن شبابنا عندما يعطون الفرصة الصحيحة وتوفر لهم البيئة المناسبة يُبدعون؛ لا بل يُحققون المعجزات رغم شح الإمكانات. الإنجاز الذي تحقق في المعلب هو بفعل شبابنا المتألق.
ومن أهم الدلالات أن المجال الرياضي أصبح من أهم المجالات التي تفتح فرص عمل مُجزية للشباب. وهذا أمر يجب أن يُؤخذ على محمل الجد الآن.
لا شك أن المنافسات الرياضية لها منافع كثيرة، منها إذكاء روح المنافسة الشريفة، ورفع راية الوطن واسمه في المحافل الدولية، وإدخال البهجة في نفوس الناس، واختبار المهارات والقدرات، وغير ذلك.
للرياضة اليوم بعد اقتصادي مهم. فلقد غدت صناعة مثل غيرها من الصناعات تفتح فرص عمل مُجزية للشباب المؤهل. ولمّا كان هاجسنا في الأردن تعليم شبابنا وتربيتهم وتأهيلهم من أجل إيجاد فرص عمل ملائمة، إضافة إلى العلم لأجل العلم والتربية لأجل التربية، فلا بد لنا – اليوم وغداً أكثر من أي وقت مضى – من الاهتمام بالرياضة في السياق المدرسي أولاً ثم في الأندية.
ولّت الأيام التي كان فيها رياضيّونا غير قادرين على كسب عيشهم من خلال التحاقهم بالأندية الرياضية، فالأندية الرياضية، وبالذات في السياق الإقليمي والدولي، أصبحت بأهمية الشركات والمؤسسات الكبرى في توفير الفرص للمؤهلين، لا بل وبميزات أكثر.
وهذا المُستجد المهم يحتم علينا إعادة النظر بمناهجنا وأنشطتنا في المدارس والجامعات من أجل الإعلاء من شأن الرياضة بما يُفضي إلى تمكين شبابنا في سياقها. ونتطلع بشوق إلى اليوم الذي تصبح فيه الرياضة عندنا صناعة رائجة، مثلما هي الحال في الدول المبدعة في هذا المجال، مثل البرازيل والأرجنتين وغيرها.
بَيْدَ أنّ دلالات الحَدَث والإنجاز تتعدى السياق الرياضي إلى السياقات العملية والحياتية الأخرى. فما ينطبق على شباب المنتخب ينطبق على شبابنا عموماً.
شبابنا كله مميز، وكل ما يحتاجونه لكي يبدعوا في مجالات أدائهم في السياقات الحياتية والعملية المختلفة هو تهيئة الأجواء الصحية والموضوعية والعادلة التي تٌمكنهم من المنافسة الشريفة ومن تفجير طاقاتهم الإبداعية، من أجل أن يتألقوا في الميادين المختلفة، بهدف تحقيق النقلة الكليّة المرجوة على مستوى الوطن في القطاعات المختلفة؛ وهذا هو البُعد الأهمّ.
دروس كثيرة مستفادة من إنجاز «النشامى»، فهل نستوعبها ونفعل المطلوب؟!