لدى الأردن تقديرات سياسية وأمنية وانسانية بخصوص حالة الفوضى التي ستدب في المنطقة برمتها، إذا ما واصلت دولة الاحتلال الإسرائيلية حربها المستعرة على قطاع غزة، وتضاعف الكلف البشرية.
يملك الأردن تقديرات داخلية عميقة تتوقع سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين في القطاع وضياع فرص السلام، إذا أصرّت الدول الغربية الاستمرار في إضفاء الشرعية على العملية العسكرية الإسرائيلية ودعمها.
جولة الملك الفورية جاءت لتشمل الولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وألمانيا بغية أحداث اختراق وفارق على الأرض، وقلب المعادلة لرأي آخر يقطع الطريق امام مخططات الحكومة المتطرفة وحصولها على تفويض دولي شامل باستمرار عدوانها والمضي قدما في مشروعها التهجيري، وقد لمس الأردن واستشعر بحكم اتصالاته المتواصلة مع المجتمع الدولي تركيز هذه الدول ومنها الولايات المتحدة الأميركية على مسألة وحيدة وهي منع «حزب الله» اللبناني من المُشاركة في المعركة وملف الرهائن الأميركيين والاسرائيليين، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعدم توسيع دائرة الحرب في المنطقة.
جاء قرار جلالة الملك من الحكمة بمكان في التحرك فورا في جولة «غير مُبرمجة بناء على تقديرات الغرف السياسية والأمنية للنتائج الكارثية إذا ما واصلت إسرائيل عدوانها على غزة وضياع فرصة انهاء الصراع العربي الاسرائيلي.
وجلالة الملك ركز في جولته بالحديث عن جانبين مهمين اولهما الاطار العام الذي يتعلق بحماية المدنيين الغزيين، وفتح المعابر والحدود أمام المساعدات الإنسانية والأغذية، لكن الإطار الأوسع التأكيد على الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وليس إنسانيا فقط، ولا سيما ان هذا الصراع بين غزة ودولة الاحتلال شهد 5 جولات سابقة وهذه السادسة، جميعها تعكس جوهر القضية نفسها: بأنه لا حل ولا استقرار ولا أمن، والأفق السياسي الإسرائيلي رافض وجامد ومانع لاعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع في اقامة دولتهم.
لدى الأردن قناعة تامة بأن وجهة النظر والقناعة السائدة تجاه غزة وفلسطين بشكل عام في العالم الغربي هي وجهة النظر الإسرائيلية، وقد استطاعت دولة الاحتلال السيطرة بروايتها على وسائل الإعلام الغربية ؛ وتبنى الغرب مغالطاتها كقطع رؤوس الأطفال والاعتداء على النساء وغيره، فيما تراجع البيت الأبيض عن تأييدها لاحقاً أمام صلابة الحق الفلسطيني وإبطال الرواية الاسرائيلية، ورأى في «قتل صحافيين في وسائل إعلام، منها (رويترز)، ما قد يكشف لأوروبا جزءاً من الحقائق، وأن الواقع ليس كما ترسمه إسرائيل، فهناك صورة من الجانب الآخر مختلفة تماما للوضع الكارثي في غزة.
يعمل الأردن ضمن هذا التحرك على محاور أساسية تعتبر منطلقاً لموقفه الثابت، وهي: وقف الحرب، وإيجاد حل سياسي يفضي الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 967 1، ومساعدة الفلسطينيين في إعادة ترتيب بيتهم الداخلي، ووضع حد لمشروع الحكومة الإسرائيلية الذي يسعى الى تدمير قطاع غزة، وتدمير السلطة الفلسطينية، الى جانب تأكيد الأردن خلق مناخ لإطلاق حوار فلسطيني لا يحتمل الفشل. وقد ركزت جولة جلالة الملك على حشد موقف دولي يدفع باتجاه وقف العدوان على غزة، وإيصال المساعدات إلى القطاع وضمان سلامة المدنيين الغزيين والطواقم الطبية والصحفية العاملة هناك فيما ان فشل المجتمع الدولي بوقف الحرب على غزة هو فشل في تطبيق القانون الدولي وحماية القيم الإنسانية المشتركة والمدنيين الأبرياء. لا سيما ان العدوان على غزة يدفع المنطقة كلها إلى الهاوية، كما ان تهجير الفلسطينيين من وطنهم سيدفع المنطقة كلها نحو هاوية تعمق التصعيد والصراع وتوسعه.
ويملك جلالة الملك القدرة على نقل الحقيقة بحكم علاقاته المتينة على الساحة الدولية، بمنطق يعرض واقع الأحداث بصورة شمولية غير مجتزئة لا سيما أن الخطاب الأردني هو خطاب إسلامي وسطي معتدل، يلقى قبولاً عالميا وأحداث التأثير في التوجهات الأوروبية تجاه ما تشهده المنطقة من أحداث يتعين على المجتمع الدولي تطبيق القانون الإنساني الدولي على الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم بتجويع غزة واستهداف الاطفال والنساء والشيوخ العزل، وأمن «إسرائيل»، مرتبط بتحقيق أمن الفلسطينيين عبر إقامة دولتهم، واستمرار المعاناة في غزة «سيؤدي إلى حلقات من التصعيد، وأن ما تفعله إسرائيل الآن يعرض السلام للخطر والعالم بأكمله.