خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

المرحومة سهى القسوس: عطاء جزيل في الممات

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
الاب رفعت بدر

بكل عواطف التأثر، أقمت في الكنيسة جنازاً عن روح المرحومة سهى القسوس التي ارتقت إلى باريها الأسبوع الماضي وشيعت في بلدة أدر بمحافظة الكرك. وكالعادة يقام جناز الثالث والتاسع لكل متوفى، لكن جناز سهى لم يكن عادياً، ذلك أن التأثر كان على نفوس الحضور بشكل مضاعف. ووسط الدموع والحشرجات، يأتي صوت الكاهن في الكنيسة: يا أخوتي وأخواتي، أرجو أن نصفق لهذه الإنسانة التقية. ولعلها من اللحظات النادرة التي دعوت فيها، أو يدعو فيها الكاهن، للتصفيق في وقت الجناز. لماذا إذاً هذا الإستثناء؟

السيدة سهى، أم صالح، قد وقّعت يوماً–وأوصت مراراً–بالتبرع بأعضائها المفيدة لحظة وفاتها. وبالفعل حين داهمتها الجلطة ودخلت في غيبوبة، وأعلن القرار بالتشارك بين وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية بأن هنالك موتًا اكلينكياً أو دماغياً، جاءت اللحظة الحاسمة التي لا تقوى المريضة على المصادقة عليها. وسئل ابنها فارس المقيم في الأردن إن والدتك في لحظة المصادقة العشائرية من آل هلسا وفي ديوانهم قبل سنوات قد وقعت على الوثيقة، وكانت تتكلم عن ذلك في كل مناسبة، فهل توافق، على نقل أعضاء والدتك، بعد أن أعلن نشامى الخدمات بأنها متوفاة دماغياً.

ليس الأمر سهلاً ولا طبيعياً أن يوافق ابن على نقل أعضاء والدته بقلبها وقرنيتيها وكليتيها وكبدها، وقد أحبت بها وأعطت خلال حياتها كل صحتها وعافيتها من أجل زوجها الذي توفاه الله قبل سنوات قليلة ومن أجل أبنائها وبناتها وأحفادها. نعم ليس الأمر سهلاً على الابن أن يصادق على التبرع بأعضاء والدته لكن الوفاء لوصيتها ولمصداقية رغبتها قد جعله يقول: نعم أوافق. وهكذا تبرعت المرحومة أم صالح بقرنيتيها لشخصين وكبدها لشخص وكليتيها لشخصين، ولو كان قلبها مؤهلاً صحيًا، لتراها قد تبرّعت به.

وهنا استذكر موقفاً عكسياً، أي الأم التي تبرعت بأعضاء ابنها قبل 35 سنة. وأعني بها نجمة اليعقوب أم المرحوم (الكاهن وليم اليعقوب) وكان من أوائل المتبرعين بالأعضاء في ذلك الوقت الذي كانت فيه ثقافة التبرع ما زالت ضعيفة وفي بداياتها. وقد تبرعت أيضاً بقلب ابنها الموقوف دماغياً وبكليتيه. مما أنقذ ثلاثة أشخاص. وحينها أي في عام 1989 أرسل الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله رسالة إلى والدته (التي توفيت على عمر 99 عاما عام 2017)، وإلى المطران سليم الصايغ وقال لهما: «طوبى لرجل الدين الأب وليم اليعقوب الذي نذر حياته لرسالة المحبة والبر وجعل من مماته استمراراً لهذه الرسالة».

واليوم، وبعد 35 سنة، وفيما أصبح جلياً تشجيع الديانتين المسيحية والإسلامية على التبرع المجاني بالأعضاء، نرى بأن الرسالة ما زالت متواصلة ونشكر الله على كل المبادرات النبيلة والهادفة إلى تشجيع التبرع بالأعضاء، وجعلها ثقافة سائدة وممارسة إنسانية، فيها كما قال الملك الراحل: «الجود والبر والإيثار والمشاركة الإنسانية». وكلمة تقدير تقال بحق الحملة الوطنية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء والتي اتخذت شعاراً لها «من بعدي حياة» وفيها أقارب للمرحومة سهى مثل الدكتور غيث القسوس والإعلامي ابن أخيها مهند القسوس الذي تحدث في الجناز أيضا و قدّر لعمته، كما نقدر لها نحن أعضاء الأسرة الأردنية الواحدة، ما حققته من عطاء عز نظيره في مماتها وهو استمرار لرسالة الأمومة والعطاء الإنساني الذي عاشته على هذه الأرض.

طوبى لسهى رحمها الله، وأكثر من أمثالها بعد عمر طويل.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF