لم يتوقف مبعوث السلام الأميركي/ دينيس روس منذ السابع من أكتوبر الماضي حتى الآن، عن بث أكاذيبه وتحليلاته المُغرضة, المُسرفة في تبرئة دولة العدو الصهيوني من جرائمها وخصوصاً مبالغته وتضخيمه ما لحق بالكيان الغاصب من خسائر في عملية طوفان الأقصى، ذاهباً بعيداً منذ مقالته المُضلِّلة في مجلّة «فورين أَفيرز» الأميركية قبل شهرين, على نحو أراد من ورائه ليس فقط تبنّي الرواية الصهيونية في ظل حرب الإبادة الجماعية, التي تشنها آلة القتل الفاشية الصهيوأميركية, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة الغربية. بل خصوصاً في الترويج لسيناريوهات يروم تحالف الشرّ الصهيوأميركي هذا, تطبيقها في القطاع لما يُسمّى «مرحلة ما بعد حماس».
دينيس روس صاحب الكتاب/ المذكرات الموسوم «السلام المفقود: القصّة الخفيّة للكفاح من أجل السلام في الشرق الأوسط»، أدلى بتصريحات مُطولة ومُستفيضة لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أعاد فيها «معظم» ما انطوت عليه مقالته في مجلّة فورين أفيرز الأميركية (كنا أضأنا عليها في «حلقتين» يومي 16 و17 اكتوبر الماضي). لكنه هذه المرّة خرج علينا بسيناريو جديد, يندرج من ضمن أمور أخرى, في سلسلة بالونات الإختبار/ السيناريوهات التي تتولّى وسائل الإعلام الصهيوأميركية الترويج لها, ولا يُستبعد أن تكون الأجهزة الإستخباراتية الأميركية كما الصهيونية/اليهودية, هي التي تقوم بتسريبها هادفة رصد ردود الأفعال ومدى التأييد أو الرفض لها, خاصّة لدى الأطراف الفلسطينية وتحديداً حركة حماس.
يطرح روس في المقابلة التي كرّر فيها السردية الصهيونية البكائية الكاذبة ذاتها, التي كان «رواها » في مجلّة فورين افيرز من قبل عن مُقاتلي حماس, الذين «يُعذِّبون الناس قبل أن يقتلوهم, في ما يصِفه «الإنحلال الأخلاقي»، الذي «برّر» – وًفق منطقه المُغرق في صهيونيته وانحيازه «إحتجاز أكثر من 240 رهينة. بما في ذلك – أضافَ روس – أطفال لا تتجاوز أعمارهم التسعة أعوام, على الرغم أن (ماضي الإسرائيليين «حافِل بالمآسي» كما زعمَ)، و"يُسيئه» خصوصاً ما يُسميه روس «الإحتفال بالتعذيب والإستمتاع بالقتل» خلال هجوم مقاتلي حماس, في ما كان «مُصمّماً للإذلال والتجريد من الإنسانية عادّا ذلك» أن تلك كانت كارثة في إسرائيل الآن، ثم كارثة كما نشهد الآن في غزّة ».
تخيّلوا هذا الحشد من الأوصاف والفائض من المراثي, الذي يبرع فيها الصهاينة من أجل استدرار العطف والإستثمار فيها, على النحو الذي شهدناه ويشهده العالم في ما بُولغ فيه كثيراً وطويلاً من قبل وحتى الآن, ونقصد هنا «الهولوكوست» وأُكذوبة «مُعاداة الصهيونية».
نقول: خرج علينا مبعوث السلام الأميركي (السلام المزيّف على الأصح), طارحاً كـ"مرحلة انتقالية مؤقتة تمتد لعامين لمشهد ما بعد حماس", عبر «قوّة دولية شبيهة بالسلطة الإنتقالية للأمم المتحدة في كمبوديا»، لملْ الفراغ بعد انسحاب القوات الإسرائيلية, ذلك كله يُواصِل روس القول» يجب أن يتم بـ «التزامن مع (إصلاح) السلطة الفلسطينية (وتنشيطها) قبل إعادة سيطرتها على القطاع، ثم الشروع–يستطرِد مبعوث السلام السلام الأميركي الذي انحاز منذ اللحظة الاولى (بل قبلها), التي صدرَ فيها قرار تعيينه في هذا الموقع في عهد بوش الأب (4 سنوات) وبيل كلينتون (8 سنوات) شغل في الولاية الثانية لـكلينتون موقع «كبير المفاوضين» خلال قمة كامب ديفيد 2000 بين ياسرعرفات وايهود باراك, وما يزال نشِطاً وفاعلاً ومُؤثّراً في الحلقة الصهيويهودية, اللصيقة بالرئيس بايدن الصهيوني (وِفق إعلانه بنفسه أنه صهيوني رغم أنه غير يهودي), الشروع في عملية «إعادة إعمار ضخمة» بدعم عربي ودولي، وبطريقة تكفل عدم عودة «حماس» التي – يُتابِع روس – لن يكون للفلسطينيين مُستقبل معها, ثم – يختم تصوّره – بـ"إجراء انتخابات في غضون 18 شهراً».
ماذا بعد؟.
ما قاله دينيس روس لاحقاً في المقالة المثيرة, مع الصحفية اللندنية الناطقة باللغة العربية, عكس تماماً وعلى نحو أكثر حماسة وترويجاً لرواية حكومة الفاشيين في تل أبيب. إذ لفت إلى النتائج/ الشروط التي يُصرّ التحالف الصهيوأميركي على تحقيقها, من حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها آلة القتل الأميركية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. وهي بالترتيب: تدمير حماس أوّلاً، ثم الشروع في عملية انتقالية مُؤقتة تسبِق «إعادة» غزّة بالتزامن مع إعمارها.. إلى سلطة فلسطينية مُعزّزة، ولكن–يشدّد روس–منزوعة السلاح, وتنتهي أخيراً بتسوية على أساس حلّ الدولتين.
هل يُمن بايدن حقاً وعملياً بحل الدولتين, وهو الذي قال إن ذلك سيحتاج إلى وقت طويل؟. وهل ــ إستطراداً – سيكون باليدن في البيت الأبيض بعد عام من الآن, لتنفيذ هذا الحل, الذي دفنه نتنياهو كما احزاب الإئتلاف اليميني ــ الديني/الفاشي برئاسة نتنياهو؟.
للحديث صلة... غداً.