خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

التهجير القسري للفلسطينيين: هل هو وارد فعلاً؟!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

عندما بدأت الصهيونية تمهيدها للاستيلاء على فلسطين وإنشاء دولة إسرائيل فيها تبنت دعاية تنطوي على مُغالطة مفادُها أن فلسطين «أرض بلا شعب» وأنها ستكون «لشعب بلا أرض»، ومن المؤكد أنّ إسرائيل تتمنى أن يتم إخلاء فلسطين التاريخية من الفلسطينيين لتكون الدولة يهودية خالصة، ولكنَّ الأمنيات شيء والواقع شيء آخر، فعدد الفلسطينيين الآن في فلسطين التاريخية يساوي بل يزيد قليلاً عن عدد الإسرائيليين (7 مليون لكل طرف تقريباً)، وحيث أن إسرائيل سنّت في عام 2018 قانون يهودية الدولة، وفي ضوء الحرب الأخيرة بينها وبين حماس في قطاع غزة فإن كثيرين بدأوا يتساءلون هل تخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين قسرا وهل بإمكانها ذلك فعلياً؟

إنّ الإجابة على ذلك السؤال هي بالنفي وللأسباب المهمة الآتية:

أولاً: وعي الشعب الفلسطيني الذي ذاق مرارة التهجير (خلال نكبة 1948، ونكست 1967) وأصبح لديه يقين بأنّ الموت أفضل له من مغادرة أرض الوطن، ولنتذكر أن الفلسطينيين تركوا بلدهم في عام 1948 لأنهم كانوا يظنون أنّهم سيعودون إليها بعد أسبوع أو أسبوعين بفضل تدخل الدول العربية، ولم يختلف الأمر كثيراً في عام 1967 حيث ذُهل الفلسطينيون من حجم الهزيمة ولم يجدوا بُداً من المغادرة، ولعلّ الدليل على وعي الشعب الفلسطيني هو أن (70%) تقريباً من سكان قطاع غزة هم مُهجّرون، ومع ذلك فإنّ كثيرين منهم ورغم الحرب البربرية التي شنتها عليهم إسرائيل لم يغادروا شمال غزة (بقي في غزة وشمال القطاع أكثر من 800,000) والذين نزحوا فعلوا ذلك إلى جنوب القطاع على اعتبار أنه أكثر أمناً كما ادّعت إسرائيل التي أبلغتهم أيضاً بأنّ هذا النزوح هو مؤقت ولإبعادهم عن مخاطر العمليات العسكرية.

ثانياً: الموقف العربي الذي كان حازماً وصارماً هذه المرة حيث أعلنت مصر أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء هو إضرار واضح بالأمن القومي المصري وأنه يرمي في الواقع إلى تصفية القضية الفلسطينية، كما أن موقف الأردن لم يكن أقل تشدداً حيث أعلن أن تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى غزة هو «إعلان حرب» على الأردن وأنه لن يتم السماح به وبخاصة أن اتفاقية وادي عربة (1994) تنص في أحد بنودها على عدم جواز تحريك السكان بالقوة من أماكن سكناهم. لقد سمحت الدول العربية سابقاً للفلسطينيين بالنزوح من أرضهم إليها لأسباب قومية معروفة وبدافع العطف على أحوالهم الإنسانية الصعبة، وبسبب شعورها بأنها خذلتهم ولم تستطع نصرتهم كما يجب، أمّا الآن فإن الدول العربية المحيطة بإسرائيل تعي أن الفلسطينيين يجب أن يظلوا على أرض وطنهم، وأنّ تمكينهم ودعمهم هو ما يجب أن يكون كسياسة في هذا الموضوع، وأي شيء بخلاف ذلك سوف يُسهم في تصفية قضيتهم.

ثالثاً: الموقف الدولي الرافض لفكرة التهجير، وقد كانّ لافتاً أن الولايات المتحدة وبرغم مشاركتها (وليس دعمها وإسنادها فقط) في الحرب مع إسرائيل ضد حماس إلّا أنها أعلنت رسمياً أنها ضد تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وقد أيدّها في ذلك الاتحاد الأوروبي (27 دولة) ناهيك عن معظم دول العالم التي رفضت الفكرة أصلاً ومن حيث المبدأ.

رابعاً: الصعوبة الميدانية في تنفيذ مثل هذه الفكرة، فالفلسطينيون في قطاع غزة هم أكثر من (2,300,000) نسمة، وهم بنفس العدد تقريباً في الضفة الغربية، وإذن–ومن الناحية الإجرائية البحتة–كيف يمكن سوق هذه الملايين رغماً عنها إلى البلدان العربية المجاورة، ولعلّ هذا السبب بالذات هو الذي يجعل إسرائيل تُخطط دائماً لتنفيذ ما يسمى «بالهجرة الطوعية» وذلك من خلال إغراء الفلسطينيين بترك وطنهم إلى بلدان أخرى (كدول الغرب ودول الخليج) حيث تتوفر لهم فرص حياة أفضل، أو بالتضييق عليهم وجعلهم يشعرون بأنّ الحياة في بلدهم (فلسطين) لم تعُد تطاق ولذا فإنّ مغادرتها إلى بلاد أخرى هو أفضل.

هل معنى كل ما سبق أننا يجب أن نضرب صفحاً كما يُقال عن فكرة التهجير ونستبعدها تماماً؟ بالطبع لا. إنّ الأردن بالذات يجب أن يتحسب ويتحوط لإمكانية تنفيذ هذه الفكرة الخطرة على وجوده وكيانه فضلاً عن خطرها على الفلسطينيين وقضيتهم. إنّ السياسة الدولية حُبلى بالمتغيرات دائماً، ومَنْ يدري فقد تحدث أمور على صعيد السياسة الإسرائيلية والدولية تجعل من تنفيذ هذه الأطروحة أمراً ممكناً، ولذا فإنّ من الحكمة أن نستذكر دائماً أن إسرائيل دولة توسعية، وأنّ بعض أحزابها (القوة اليهودية، الصهيونية الدينية، بعض أجنحة الليكود) تعتبر أنّ الأردن هو جزء مما يسمونه «أرض إسرائيل»، والذي يقرأ كتاب نتنياهو (مكان تحت الشمس)، ومذكرات «فايتسمان» وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق (الحرب من أجل السلام) يلاحظ ذلك بوضوح، وباختصار فإن التهجير القسري للفلسطينيين غير ممكن في الظروف السياسية والإقليمية والدولية الحالية، ولكنه أمرٌ مهم ويجب التحوط له بكل ما يلزم من توعية واستعداد!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF