وسط غياب جلي وواضح لرؤية مؤثرة وفاعلة ينتهجها الاتحاد الأوروبي حيال التعامل مع ما يحصل في قطاع غزة، يلاحظ حالة الارتباك والترقب في هذا الموقف كمن لا يعرف ما الذي يجب عليه فعله، ولا حتى لما ستؤول له الأمور.
في سياق الرواية الأوربية نجد هناك دعم قوي لإسرائيل وإدانة واسعة لهجوم حماس، وهو الموقف الطاغي منذ الأيام الأولى للازمة، في المقابل هناك أصوات بدأت تتعالى داخل الاتحاد الأوروبي تعبر عن تحفظها على ما تقوم به إسرائيل من هجوم غير مسبوق على غزة، من باب عدم تناسب الرد الإسرائيلي مع طبيعة ما حدث من عملية «طوفان الأقصى»، وفي ظل يقين ومعرفة يدركها الأوروبيين جيدا وهي انسدد أفق الحل السياسي الأوسع للقضية الفلسطينية، وإنهاء المعاناة الفلسطينيين منذ سنيين طويلة.
وعلى رغم من التعامل الآني مع الحدث من طرف أغلبية الدول الأوروبية، وما تظهر عليه من دعم لإسرائيل، إلا أن ما يحدث حاليا في غزة من جرائم إنسانية، وارتفاع أعداد الضحايا الفلسطينيين وغياب أي حل أو خطة لتوقف الهجوم الاسرائيلي على غزة لاشك أنها تشكل ادوات مهمة في الضغط على الأوروبيين لتغيير موقفهم في التعامل مع هذا الملف والتراجع عن حالة التسرع الذي انتهجته هذه الدول و مسارعتها لإظهار الدعم المطلق لإسرائيل وأنه «خطأ فادح»، خاصة وهي التي تعد نفسها دول ديمقراطية، وتحترم حقوق الإنسان فكيف لها أن تدعم حكومة يقودها اليمين المتطرف، تقوم في ارتكاب جرائم حرب.
كما انه لابد من الاشارة الى أن الموقف الأوربي يرتبط ويرتهن من ناحية بالمسألة اليهودية ومن ناحية أخرى بالمسألة العربية وحرصه بشكل او باخر بالابتعاد عن اي موقف مستفز سواء لهذه الجهة أو تلك.
كم ان الرأي العام العالمي بات يضغط أكثر فأكثر لاتخاذ مواقف أكثر توازنا، خصوصا مع ظهور الاستطلاعات التي تشير الى أن الرأي العام الأميركي يطالب بوقف فوري للحرب، وهو قطعا ما سينعكس على الموقف الأوروبي.
أما العرب وقد خبروا جيدا المواقف الأوربية وخاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية فان أقصى ما يمكن أن يصله الموقف الأوروبي هو الدعوة إلى احترام القانون الدولي، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، في حين أن القانون الدولي ينص على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، وأن قرارات الشرعية الدولية تؤكد وتدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.