ما كان يخطر في البال قبل استشهاد أفراد من عائلتك، من قبل عدو لا يعرف حياة للبشر الا لملّته، ظل ينازعني بأنك وزملاء وزميلات المهنة مجرد مشاريع شهادة منتظرة.
ولأنك أيها الزميل القابض على الجمر وتنتظر الاستشهاد ومن معك بقذيفة طائشة أو مستهدفة من عدو لم يعرف للإنسانية قيمة سوى البطش والإجرام، كما يفعل في هذه الحرب الهمجية ومن يقف معه، لإبادة شعب أعزل، فقد كان كل واحد يتابع قناة الجزيرة، وغيرها، يتوقع نقل خبر استشهادكم.. حماكم الله.
اجزم وأنت الصابر مع أبناء غزة على الألم وفقدان أُلوف الشهداء والجرحى والمفقودين من الضحايا، أنك ما زلت على موعد دائم مع كل غارة وكل خبر استشهاد، يكون أخاً أو ابناً أو زوجة وأي قريب لك، مع أن جميع من هم في القطاع الصامد كلهم أفراد عائلتك.. هكذا تحسبهم.
من منا لا يعرف أن جميع الشرفاء والأحرار على ارض فلسطين الحبيبة مستهدفون من هذا العدو الذي لم يسبق همجيته عدو، فكيف وانتم جميعاً على ارض المعركة، وتحت القصف.
ايها الهصور الصبور.
ما كانت الدنيا للذين يطلبون الشهادة أو النصر، إلا لأمثالكم، ولأنكم أهل غزة وأهل عِزّة وقد تكالب العالم عليكم وتداعى الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.
أنتم أهل الذخيرة الأخيرة للأمة، وقد اختاركم الله لتكونوا الفئة الباقية ضد الأمم الباغية التي استباحت الأوطان ونهبت الثروات واستعبدت امتنا العربية والإسلامية، وكأن هذا العدو ومن والاه هو قدرنا!.
لا أخاطبك ايها البطل بلغة المهنة أو بروح العاطفة، وإنما أُخاطبك بعقيدة الدين الحنيف الذي به كان هداية البشرية، واشاعة السلام بين الشعوب، ونشر التسامح وحسن التعامل مع عالم
ينبذ القتل والتنكيل والوحشية التي يحملها هذا العدو المتطرف المتغطرس وهو يحتل أراضي العرب والمسلمين ويدنس المقدسات ودور العبادة، ويزهق الأرواح.
لقد شاهدنا شجاعتك حينما كان يطلب منك زملاؤك وانت تبث الخبر «الحي» وتحت القصف، بالابتعاد الى مكان آمن، ولكنك بقيت صامداً، حتى وأنت تنقل نبأ استشهاد أعز الناس اليك ومن خرج من صلبك، فاحتسبتهم بصبرك العظيم، عند الله، كما الذين سبقوهم من الشهداء، فهذا العدو لا يفرّق في حقده بين طفل ومقاوم.
انتم الأحياء أيها » المراسل» الشجاع، واعذرنا عن عجزنا، فالشهادة لكم، والعزاء لنا، على ما نحن عليه، ولا نقول لك ولكل الأبطال وأحرار القطاع، الا ما قال الإمام الشافعي:
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي/
فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ.
نصركم الله