يواجه عالم اليوم تحديات جمة ومستقبل مبهم وأزمات متصاعدة على كافة الأصعدة والجوانب والمجالات سواء كانت أزمات طبيعية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو أخلاقية، وأسلط الضوء في مقالي هذا على الأزمات في المؤسسات التربوية؛ إذ تتطلب هذه الأزمات من القادة التربويين مهارات عالية وقدرات خاصة وخبرات متميزة تمكنهم من إدارة هذه الأزمات لتجاوزها بأقل الخسائر وضمان استمرارية العملية التعليمية التعلمية.
وتتمثل أهمية القيادة التربوية في ظل الأزمات في مراعاة عدة أمور وعلى رأس أولويات القائد أولاً ودائمًا وأخيرًا حماية الطلبة والعاملين: وتتمثل الحماية في توفير بيئة أمنة وإيجابية وصحية لكافة الأفراد وتقديم الدعم النفسي والعاطفي واللوجستي والاجتماعي في ظل مناخ آمن وسليم. ثم ضمان استمرارية العملية التعليمية: تتمثل مهمة المؤسسات التربوية في توفير التعليم للطلاب، وفي ظل الأزمات قد تتعرض هذه العملية للخطر. فدور القائد التربوي مهم جدا في ضمان استمرارية هذه العملية رغم كل الظروف من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة والخطط البديلة للتغلب على التحديات التي تواجهها. وبعد تجاوز الأزمة لا بد على القائد تحقيق التكيف مع الوضع الجديد: تؤدي الأزمات إلى تغييرات في البيئة المحيطة، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى تحول جذري في هذه البيئة. ويكمن دور القائد في تهيئة الأفراد لتحقيق التكيف مع هذا الوضع الجديد من خلال تطوير الاستراتيجيات اللازمة لضمان استمرارية العملية التعليمية في ظل هذا الوضع.
ولتحقيق ما سبق يتطلب من القائد التمكن من مهارات وقدرات خاصة لإدارة الأزمات، من أهمها:
• الرؤية الاستراتيجية: يتطلب من القائد التربوي أن يكون لديه رؤية استراتيجية تمكنه من فهم الأزمة ووضع الخطط اللازمة للتعامل معها.
• القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة: قد تتطلب الأزمات اتخاذ قرارات صعبة قد تكون غير شعبية. يتطلب من القائد التربوي أن يكون لديه القدرة على اتخاذ هذه القرارات من أجل مصلحة المؤسسة التربوية.
• التواصل الفعال: يتطلب من القائد التربوي أن يكون قادرًا على التواصل الفعال مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة، من أجل ضمان فهمهم للأزمة وتعاونهم في التعامل معها.
• القدرة على بناء الثقة: يتطلب من القائد التربوي أن يكون قادرًا على بناء الثقة مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة، من أجل ضمان تعاونهم معه.
ختامًا، يمكن للقادة التربويين اتباع بعض الممارسات التي تساعدهم على التعامل مع الأزمات، من أهمها: التشاور مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة: يتطلب من القائد التربوي أن يشاور مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة، من أجل الحصول على رؤى مختلفة واتخاذ قرارات أكثر فاعلية، ومنح العاملين الثقة بأنه بإمكان كل منا أن يساهم حل المشكلة وإدارة الأزمة بدلا من أن نكون جزءا منها. مع ضرورة التواصل الفعال مع المجتمع: يتطلب من القائد التربوي أن يتواصل بشكل فعال مع المجتمع، من أجل ضمان دعمه للمؤسسة التربوية في ظل الأزمة. واستشراف المستقبل والاستعداد له: يتطلب من القائد التربوي أن يكون مستعدًا للمستقبل، من خلال تطوير الاستراتيجيات اللازمة للتكيف مع أي أزمات قد تحدث في المستقبل، وتدريب وتأهيل الكوادر والطلبة ليكونوا قادرين على حل المشكلات وإدارة الأزمات، وأن الجميع شريك في نجاح المؤسسات التربوية في تخطي العقبات وحل المشكلات وإدارة الأزمات. فكما قال الشاعر:
تجري الرياح كما تجري سفينتنا/ نحن الرياح ونحن البحر والسفن.
إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ/ يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجنُ.
فاقصد الى قمم الاشياءِ تدركها/ تجري الرياح كما رادت لها السفنُ.