نشهد أمام أعيننا مجزرة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة، استشهد فيها أكثر من 4 آلاف شهيد وأسفرت عن أكثر من 13 ألف جريح، والرقم يزداد في كل ثانية، وسط تواطؤ دولي فج ودعوات وقحة من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء.
هذه المشاهد فجرت مشاعر الغضب لدى الملايين في العالم، وفي المقدمة منهم الشعب الأردني، الذي هو الأقرب لفلسطين وشعبها.
في خضم كل هذا تظهر دعوات للتظاهر بطريقة تستهدف الأمن في البلد، وتشكك في موقف الأردن من الشعب الفلسطيني.
يتقدم الأردن دائماً وأبداً الجهود في مساعدة الشعب الفلسطيني والدفاع عن المقدسات، والأردن عبر الوصاية الهاشمية هو الحامي للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ويتولى الوصاية الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني، التي هي السد المنيع أمام محاولات الاستيلاء عليها من قبل الإسرائيليين.
منذ بدء الحرب على غزة بذل جلالة الملك جهوداً كبيرة لوقف شلال الدم، كان منها جولة أوروبية لحشد موقف دولي لوقف الحرب على غزة.
ورتبت عمان القمة الرباعية التي كان من المقرر فيها أن يستضيف جلالة الملك الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، والتي ألغيت بعد قصف المستشفى المعمداني في غزة.
وحمل جلالة الملك إسرائيل المسؤولية عن المجزرة، واعتبر أن هذه جريمة حرب نكراء لا يمكن السكوت عنها، وطالب إسرائيل بوقف عدوانها الغاشم على غزة فوراً.
بين يدي كل ذلك، يبدو غريبا الدعوات المشككة في الموقف الأردني، والداعية لتظاهرات نفسها سلبي، ومن الواضح أنها تحمل نية مسبقة ضد الأمن وتهدف لزعزعة الاستقرار.
المظاهرات التي يتم فيها حرق الممتلكات واستهداف رجال الأمن هي أكبر خدمة لليمين الإسرائيلي، الذي يريد الأردن ضعيفاً وفي حالة من الفوضى، وذلك حتى يمرر أجندة التهجير والوطن البديل.
يدرك الجميع أن ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها، وهناك مخطط واضح يقوله الإسرائيليون بكل وقاحة لتهجير فلسطينيي غزة، وإذا تم ذلك فستكون المرحلة الأولى، والمرحلة الثانية ستكون تهجير فلسطينيي الضفة الغربية، وفي المرحلة الثالثة عرب الـ48، إلى الأردن، الذي يجاهر اليمين الإسرائيلي ليلاً نهاراً بأنه الوطن النهائي للفلسطينيين.
هذه المخططات تحتاج إلى أردن ضعيف منهار، يغيب فيه الأمن وتنتشر فيه الاضطرابات، وهذا ما ينفذه بعض المتظاهرين ومن يدعون للمظاهرات، بحسن نية أو بغباء مطلق!
أيضاً الدعوات المتكررة للنزول إلى الحدود مع إسرائيل هي في حقيقتها إلقاء للشباب في التهلكة، فرجال الأمن النشامى- أهلنا وعشيرتنا- هم موجودون لحماية شبابنا من الاستهداف الإسرائيلي، واصطدام شبابنا برجال الأمن هو أمر لن يفرح سوى أعداء الوطن.
عوضاً عن كل ذلك هناك حل عملي يمكن من خلاله تقديم العون الحقيقي لأشقائنا في غزة.
كل متظاهر يحتاج ما بين بنزين سيارة أو كلفة مواصلات، وما بين كوب من القهوة ووجبة طعام خلال ذهابه للمظاهرة، إلى ما بين خمسة إلى عشرة دنانير. هذا المبلغ يمكن أن يتبرع به لأهلنا في غزة، عبر المنصات الرسمية التي خصصها الأردن لدعم الأشقاء الفلسطينيين.
هذا التبرع هو أكثر فائد لغزة، وفيها حفظ للأرواح والممتلكات، وحماية للأردن، حتى يبقى قوياً منيعاً وقلعة في وجه الغطرسة والاستبداد الإسرائيلي.
@dr_osamarub