في خطاب العرش أمام مجلس الأمة، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني «عدم التخلي عن الدور الأردني» حيال القضية الفلسطينية، وحذر جلالته من تقويض استقرار وأمن المنطقة «دون تحقيق السلام الشامل والعادل»، واصفا جلالته ما يحدث من عدوان على الفلسطينين لا سيما ابناء غزة بعبارة «دوامات القتل التي يدفع ثمنها المدنيون والأبرياء».
كما اتاحت الدولة بترسيخ حالة التضامن التي عبرت عنها قوى شعبية وحزبية خلال الأيام الماضية، وعدم الممانعة تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية في مختلف المدن الأردنية. ومنذ اندلاع العدوان على غزة وإطلاق حركة «حماس»، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري عملية «طوفان الأقصى» واتصالات جلالة الملك عبدالله الثاني مع قادة الدول العربية والغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لم تتوقف للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها الغاشم على القطاع وما خلفه هذا العدوان من الالاف الشهداء والمصابين والجرحى واستهدفه البنية التحتية المستشفيا? والمدارس ودعوة جلالته الوقف الفوري لالة القتل الاسرائيلي بحق ابناء الشعب الفلسطيني والعودة إلى المسار السياسي، وهذا ما يساور الشان السياسي الاردني القلق، حيال استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزّة في وقت منح فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن «الضوء الأخضر» لإسرائيل للدفاع عن نفسها ودون «الحديث بوضوح عن حصار غزة وكأنه «يجيز الانتقام الجماعي».
وتأتي زيارة بلينكن إلى عمّان للقاء الرئيس عباس وسط جهود أردنية، لتستمع الإدارة الأميركية عن قرب، إلى الموقفين الأردني والفلسطيني حيال تطورات الأوضا ع، وتوجيه رسائل مباشرة حول مخاطر استمرار التصعيد، والتأثير على الموقف الأمريكي المنحاز بالكامل لإسرائيل، مع التأكيد على أهمية المواقف التي استمع لها بلينكن، من جلالة الملك والتي افضت الى التاثير على الادارة الامريكية بفتح ممرات امنة في غزة وادخال مساعدات عاجلة وتامين مسارها وعدم انتهاج سياسية «العقاب الجماعي» تجاه سكان قطاع غزّة.
والموقف الذي يتمسّك به الأردن بدعم القضية الفلسطينية ثابت وواضح ولا مجال للتأويل بشانه او التشكيك فيه لان كل المعطيات والدلائل تبين ما يبذلبه الاردن تجاه وقف هذا العدوان؛ فلا مجال لعودة الاوضاع الى طبيعتها الا قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وهو موقف عبر عنه الاردن بكل مناسبة استنادا لقرارات الشرعية الدولية، وهو ايضا موقف يتسق مع موقف الدول العربية الموازية، لكن لدى الاردن خيارات مفتوحة في هذا المجال وذلك مع تنامي مخاطر العنف ضد المدنيين في غزة، والتخوّفات من ام?داد «الحرب» إلى الضفة الغربية والقدس وحتى المناطق داخل الخط الأخضر وفي الإقليم، وهذا ما يثير مخاوف مستقبلية أيضا لدى الاردن، من حدوث موجات تهجير إلى اراضيه، وانهيار مسار العملية السياسية بالكامل.
ولطالما حذر الاردن ويحذر وبشكل واضح من ادخال الحرب على غزّة المنطقة برمتها في مرحلة جديدة من الصراع العربي الاسرائيلي مع استبعاد أفق للحل السياسي قريبا والعودة الى طاولة المفاوضات التي انقطعت منذ امد بعيد بين الفلسطينين والاسرائيلين، أو حدوث أي انفراجة سياسية قريبة بين الجانبين لتعنت حكومة الاحتلال العنصرية بقيادة نتنياهو وبخلاف ما افضت اليه حروب وأزمات سابقة بين العرب والكيان المحتل، قادت الى حلول سياسية.
واليوم تقف هذه الحكومة الإسرائيلية العنصرية اليمينية في وجه أي مبادرة لانهاء العدوان ولا تبدي أي استعداد للدخول في أي عملية سلمية او الاستماع لمطالب دولية بخفض التصعيد وفتح ممرات امنة لابناء غزة، وفي ظل وجود حكومة فلسطينية تعيش أضعف حالاتها وفي سط انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات العام المقبل مما ينذر بعدم وجود أي بارقة أمل او بوادر انفراج او اللجوء الى أي عملية سياسية تنهي العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ويوقف حمام الدم الفلسطيني.
وقد اصبح واضح للجميع نوايا الاحتلال إلحاق أكبر حجم من الدمار والأضرار البشرية والمادية في غزة، رغم نداءات دولية لإقامة ممارات آمنة للفلسطينيين وعلى ما يبدو فانه من الخيارات المطروحة لدى دولة الاحتلال الدفع باتجاه تهجير قصري خارج حدود غزة وتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والاردن، وتوسيع دائرة الحرب للضفة الغربية أو المناطق المحتلة لعام 1948، ولا بد من التصدّي له بكل الوسائل والطرق والادوات المتاحة له بالاضافة الى الحملة الغربية في شيطنة الفلسطينيين، وشرعنة المزيد من قتل الأبرياء ومضي اسرائيل في تنفيذ م?ططاتها.
وتصاعد العنف والقتل ضد ابناء غزة هي الشغل الشاغل للقيادة السياسية الأردنية بكل تداعياتها الوطنية والاقليمية والدولية في ظل انسداد الأفق السياسي واحتمالات امتداد الحرب.