الإيمان بدور العلم والتطور التقني فائق السرعة الذي نعيش في كنفه، ضرورة فرضتها حضارة الألفية الثالثة للميلاد في تطوير نظم حياتنا الفكرية والعلمية والعملية كعلم يحافظ على البشرية ونفعها ولا يضرها.
ولكن عندما يرتبط العلم بأذى البشرية إلى حد إفنائها بالكوارث وتدمير ثقافتها ومعتقداتها وقتلها بسلاح العلم ماديا أو روحيا ومعنويا، فهذا لا يقبله إنسان جبل على أخلاق الرحمة.
وعندما انتشرت الأوبئة والأمراض، وحبست البشرية داخل منازلها، وتوقفت عن العمل والإنتاج، وتحولت الكرة الأرضية إلى خرابة خالية من الحيوية والحركة، أصابني الخوف من المستقبل، وإلى أين تقودنا العلوم الإليكترونية؟ وهل صحيح قد تنفذ المخطط الشيطاني للمليار الذهبي؟ وإلى أي حد يمكن توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي اللامحدودة في تنفيذ هذا المخطط. ناهيك عن الأساليب الأخرى من الأوبئة واللقاحات والأدوية وإضعاف المناعة من خلال الأطعمة والأشربة وممارسة الحياة اليومية غير الصحية التي اندرجت في حياتنا باللاشعور.
الواقع العملي، قد أثبت مبدئيا أننا صرنا مسلوبي الإرادة والتفكير الحــر أمام قدرة الحاسوب وتطبيقاته المختلفة، وقد تجلى ذلك خلال فترة وباء كوفيد، فكان الجوال (الجوال) والحاسوب (الكومبيوتر) والآي باد الوسيلة الوحيدة للعمل والتواصل، كما أنه أتاح الفرصة للذكاء الاصطناعي للتدخل في سوق العمل، وإمكانية توفير العمالة.
فكان الوباء فرصة لتقليص العمالة، في مقابل القليل منهم يعمل من المنزل وتحقيق فوائض مالية ومكاسب كبيرة لأصحاب الشركات، وهنا ظهر الذكاء الاصطناعي ليحل محل المهندس والموظف والكثير من المهن، لكني لم أتخيل أن يتطور الذكاء الاصطناعي ليقتل إنسان، أو يدفع الإنسان دفعا لقتل نفسه منتحرا عبر أحد برامج الذكاء الاصطناعي.
كم هالني وأفزعني ذلك الخبر المنشور بصحيفة ليبرا البلجيكية، من أقدام رجل بلجيكي على الانتحار بعد قضائه شهرًا ونصف الشهر في التحاور مع برنامج دردشة الذكاء الصناعي (إليزا) الذي أدمنه كالمخدرات.
ووفقا لزوجته، فإن الرجل كان قد شُغل طيلة عامين بقضايا المناخ والبيئة المعقدة، فلجأ إلى الذكاء الصناعي لحلها عبر برنامج إليزا، الذي شاركه وتساؤلاته المؤرقة، وقضى وقتًا طويلًا في الحديث معه.
وفي محادثة الرجل مع برنامج الدردشة ليزا، صرح بأنه يفكر بالانتحار، لترد عليه » إليزا «إذا أردت أن تموت، فلماذا لم تفعل ذلك عاجلًا؟.
وما كان من الزوجة سوى تحميل المسؤولية في وفاة زوجها إلى الروبوت.
قد تكون هذه الحادثة الفردية نقطة في بحر الكوارث المنتظرة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي لا يعلم مداها إلا الله تعالى، فقصة الرجل البلجيكي تبدو في ظاهرها بسيطة رجل حاول استخدام التقنية في خدمته وحل مشكلاته، ولكنها مع الوقت سيطرت عليه، واستعبدته فقتلته بدم بارد دون عزاء للإنسان ولا فرصة للأخذ بالثأر.
وكما يذهب بعض الخبراء المتخصصين، فإن اعتمادنا على الروبوتات في حياتنا اليومية، وإحلالها محل البشر في الكثير من المهن، قد يكون أحد مرتكزات تنفيذ مخطط المليار الذهبي.. (يتبع)