الاستشراف الملكي يترجم على أرض الواقع.. منذ خطاب جلالة الملك والتصعيد غير المسبوق في خطاب الدبلوماسية الأردنية امام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بدأنا بتحليل موضوعي فيما جاء في الخطاب من لهجة تحذيرية لم تعهدها الدبلوماسية الأردنية من قبل.
وقد اوضحنا في الجزئين الأوليين أسباب التصعيد والتحذيرات الملكية وان هذا الخطاب قد تلمس مواجهة كارثية بين الأطراف المتنازعة في الإقليم وذلك لان التحذير الملكي قد تضمن ان المنطقة ذاهبة الى كارثة اذا ما استمر الكيان الصهيوني وحكومته اليمينية في الضغط على الشعب الفلسطيني والحصار على قطاع غزة سيستدعي ردا فلسطينيا يؤدي الى خلط الأوراق في المنطقة ويغير من الخطاب المرجعي الأردني من الدبلوماسية الناعمة الى توظيف الأوراق الأكثر قوة في مواجهة النتائج التي ستترتب على سياسة الاقتلاع والاحلال والتهويد وان محاولة ترسيخ التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى والاعتداء على الوصاية الهاشمية سيجعل الأمور تسير الى مجهول.
كل ذلك قد ذكرناه في الجزئين الأول والثاني قبل اندلاع معركة البطولة والفخار من المقاومة الفلسطينية في غزة الابية لتخلط الارواق من جديد وتضع هذا الكيان امام حقيقته الواقعية انه كيان طفيلي عنصري فاشي التوجه والاهداف وهو ما كشفته الردود العسكرية العنيفة والتي لم تستهدف خلال هذه الفتره الا المدنيين الفلسطينيين ولم تشتبك مع قوات المقاومة الفلسطينية الا عندما دخلت هذه القوات الابية الى معسكرات ومستوطنات غلاف غزة مستحوذة على كم من الاسرى الجنود والمدنيين مع ان كل مدني هو جندي احتياط في جيش الاحتلال الصهيوني وهذه نتيجة طبيعية لعدم اخذ تحذيرات جلالة الملك والتي جاءت ما قبل انتخاب الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة وصولا الى استلام مهامها الهادفة الى التهجير القسري أي ترانسفير بالتضييق على الفلسطينيين عسكريا ومعاشيا واقتصاديا واجتماعيا لدفعه الى اتجاه هجرة جديدة الى الأردن ومصر.
كل ذلك تلمسه جلالة الملك وحذر منه بشكل واضح وصريح ولو ان العالم استمع الى جلالة الملك صاحب الرؤية الاستشرافية في ابعادها السياسية لما وصلنا الى مرحلة اللاعودة.
واعني هنا ان مستوى العنف والمجازر اليومية بحق المدنيين وقطع الكهرباء والماء والغذاء والدواء عن قطاع غزة هو حصار لم يسبق له مثيل مضافا اليه عدم السماح بدخول المساعدات وهو ما ينم عن انحدار وانحطاط في مستوى الاخلاق والقيم.
وان فتح الممرات الأمنه لايصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وهو ما كرره جلالة الملك خلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي بلنكن اضحى استراتيجية ملكية في هذه المرحلة وهدفا ليس بعده هدف لسلوك الدبلوماسية الأردنية وصولا الى فتح تلك الممرات وإعادة شريان الحياة الى القطاع للتخفيف في الحد الأدنى من معاناة ابناءه هذا ما اوضحة جلالة الملك مؤكدا ان هذه المساعدات يجب ان تصل أهلنا الصابرين الصامدين في قطاع غزة في الوقت الذي تعمقت فيه معاناتهم نتيجة التغيير الجذري في قواعد الاشتباك من مناوشات وصدامات هنا وهناك الى اعلان حرب صهيونية اتبعت فيه قوات الاحتلال سياسة التطهير العرقي معتمتدا على ضوء اخضر لا لبس فيه من القوى الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية والتي تبرر وجودها ودعمها للكيان الصهيوني لضبط إيقاع عدم انفلات الأمور الى فوضى إقليمية يشارك فيها كل الأطراف بلا استثناء نتيجة لعدم احترام الكيان الصهيوني لاي ابعاد إنسانية او أخلاقية اتجاه المدنيين.
اذن انها النتيجة الطبيعية التي تحدث عنها جلالة الملك والتي جعلتني ابادر الى تحليل الخطاب لاهميته والدبلوماسية الخشنة التي انتهجها الأردن خلال الخطاب الملكي في الجمعية العامة وصولا الى خطاب جلالته امام مجلس الامة والذي تحدث ببعدين البعد الأول حول أهمية استكمال مهام التحول الديمقراطي والإصلاح الشامل.
وعن القضية الفلسطينية ومحورية الأردن وثباته الاستراتيجي على مواقفه القيمية والتاريخية والقانونية وبوصلته فلسطين وتاجها القدس الشريف كما أوضح جلالته.
وهذا يبعث برسالة الى كل المشككين والعابثين خلف الخطوط من اجل تشويه موقف الهاشميين التاريخي وتضحيات الأردنيين ونشامى القوات المسلحة الجيش العربي ومن اجل فلسطين كقضية محورية ومن اجل الوصول الى الهدف الاسمى في هذه المرحلة وهو حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ضمن اطار احاطة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ومن هنا أقول ان الرسالة التي بعث بها حكيم الامة ومرجعيتها الفذه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين كان يجب ان تؤخذ بأدق تفاصيلها بعين الاعتبار عندما يخص الامر القضية الفلسطينية او أي قضية عربية وان الأردن يؤكد من جديد ان بوصلته هي فلسطين كانت وبقيت وستبقى على مسار التاريخ وان النصر لا محالة فقد أعطت المقاومة درسا هز كل مرتكزات الامن والردع الصهيونية وجعلته يستنجد منذ اليوم الأول بحلفائه الغربيين لأنه استشعر خطر السقوط والهزيمة المدوية وانها اتية لا محالة مهما لمح الاحتلال بالاجتياح البري والذي وفق كل التقديرات العسكرية انه سيكون مقبرة للجنود واليات الاحتلال الصهيوني بوجود احتياطي ضخم من المقاومين اللذين ينتظرون هذا الخطأ الاستراتيجي ليلقنوا ويشنوا هزيمة الاحتلال الصهيوني مهما ابتكر الاعلام الغربي من سياسة تشويه وقلب للحقائق والكيل بمكيالين انها معركة بكل تفاصيلها ستدشن بالنصر المؤزر لفلسطين والأردن والعرب والأمة الإسلامية جمعيا ندعوا الله سبحانه وتعالى ان يمدهم بالصبر والثبات ويبث الرعب في قلوب هذه الطغمة الفاسدة التي تقود كيانا مارقا سيزول بأذن الله الى الابد فكلمة الله دائما هي العليا.