خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

لماذا الإصرار على «حل الدولتين»؟!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

ما زالت الشرعية الدولية المُمثّلة في الأمم المتحدة لا تعترف إلا بحلّ الدولتين (دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة إسرائيل) للتعامل مع القضية الفلسطينية، وكذلك القوى الكبرى الفاعلة كالولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، وعلى صعيد أصحاب الشأن المباشرين فإن الجامعة العربية (ومن ضمنها الأردن بالطبع) والسلطة الفلسطينية (المعُترف بها دولياً كممثل للفلسطينيين) تتبنى هذا «الحلّ» بينما ترفضه إسرائيل من منطلق أن قيام دولة فلسطينية سوف يكون خطرا أمنياً مؤكداً عليها، وقد عبّر عن هذا الموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حين قال إنه يجب «استئصال فكرة الدولة الفلسطينية».

إن سؤالين يُطرحان في هذا السياق وهما: هل ما زالت هناك إمكانية فعلية لقيام دولة فلسطينية مع تنامي الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس حيث وصل عدد المستوطنين إلى ما يقارب (750) ألفا في الضفة وإلى (250) ألفا في القدس، فضلاً عن الطرق الالتفافية التي أنشأتها إسرائيل كي تمّزق الضفة وتحول دون التواصل الجغرافي الطبيعي بين مدنها وقراها؟!

أمّا السؤال الثاني فهو: ما البدائل المطروحة في حال رفض حل الدولتين؟، والواقع أنه ليس هناك سوى بديلين اثنين هما: قيام دولة ديمقراطية واحدة على أرض فلسطين التاريخية لكل مواطنيها (اليهود والعرب)، أو الإبقاء على الواقع الحالي كما هو.

ولعّلنا إذا تأملنا في هذا الموضوع بدقة فإننا نلاحظ أن حلّ الدولتين هو الأكثر إمكانية في ضوء الظروف والمتغيرات الحالية وللاعتبارات الآتية:

أولا: ثبت تاريخياً إنه يمكن إزالة العائق الأكبر الذي يحول دون قيام الدولة الفلسطينية وهو الاستيطان فقد سبق «لمناحيم بيغن» الزعيم التاريخي لليمين الإسرائيلي أن أزال مستعمرة «ياميت» الكبرى من سيناء بعد اتفاقية كامب ديفيد مع مصر في عام 1978، كما أزال «شارون» وهو زعيم إسرائيلي لا يقل يمينية وتطرفاً عن بيغن المستعمرات العديدة من قطاع غزة. صحيح أن الضفة الغربية تختلف عن سيناء وغزة بالنسبة لليهود حيث يعتبرونها أرض «يهودا والسامرة» التي لا يمكن التخلي عنها مقارنة بأرض سيناء وغزة التي لا تعني لهم دينياً ومعنوياً الشيء الكثير.

ثانياً: إنّ وجود أكثر من مليوني فلسطيني على أرض الضفة الغربية ممن تمرسوا بالنضال ضد الاحتلال، ووعوا أهمية البقاء فوق تراب وطنهم، يحول في الواقع دون ابتلاع الضفة الغربية من قبل إسرائيل حيث لا يمكنها البقاء كقوة احتلال إلى الأبد مع رفض داخلي وخارجي وبصورة متنامية، وإذا أضفنا إلى هذا وضع قطاع غزة الذي يتبادل الحروب مع إسرائيل بين فترة وأخرى، ويشعرها على الدوام أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وأنه -وإلى جانب نضاله السياسي من أجل قيام دولته- يطور الأدوات والآليات المناسبة لكفاح مسلح لا نهاية له إذا لم تجد القضية الفلسطينية حلاً عادلاً والمطروح بالطبع هو دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية مع هدنة طويلة مع إسرائيل.

ثالثاً: تعذر الأخذ ببديل «الدولة الديمقراطية الواحدة لجميع مواطنيها» لسبب بسيط هو إقرار إسرائيل لقانون «يهودية الدولة» في عام 2018 وإصرارها على هويتها اليهودية الصهيونية التي لا يمكن أن تغامر بها وبخاصة أن فرصة النمو الديموغرافي للفلسطينيين في هكذا دولة سوف يكون خطراً متنامياً على إسرائيل، والواقع أن مثل هذا الحل قد لا يكون لصالح الفلسطينيين أيضاً فهو قد يوفر لهم بعض الحقوق المتساوية مع الإسرائيليين ولكنه بالقطع لن يوفر لهم «حق تقرير المصير»، والشعور «بالسيادة» على وطن خاص بهم، فضلاً عن أن فرصة هيمنة الجانب الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني تظل قائمة بسبب تفوق الإسرائيليين العلمي والتكنولوجي وإمساكهم بمقومات القوة في مثل هذه الدولة المفترضة.

رابعاً: صعوبة الإبقاء على الوضع الراهن فهو لا يحقق آمال الفلسطينيين في «وطن»، «وسيادة» «وهوية» من جهة، ولا يحقق الأمن للإسرائيليين الذين يتوقعون «أحداثا» ومتفجرات في كل يوم، كما يتوقعون حروباً قد تنشب مع الفصائل الفلسطينية في غزة في أيّ وقت من جهة أخرى. إن هذا الوضع غير قابل للاستمرار في الواقع ولا بد من العمل لتغييره ولصالح الطرفين.

وختاماً فإن جميع البدائل المطروحة للتعامل مع القضية الفلسطينية صعبة ولها إشكالياتها، ولكن حل الدولتين يظل أكثرها قابلية للتطبيق، وقد تكون الخطوات المطلوبة بإلحاح للمباشرة في التطبيق هي إقناع الإدارة الأمريكية بمزيد من الضغط على إسرائيل لقبوله، ثم بلورة ترتيبات أمنية معينة تزيل مخاوف إسرائيل من قيام دولة فلسطينية (قد تكون على غرار الترتيبات بين إسرائيل ومصر في إطار اتفاقية كامب ديفيد)، ولكنها تحقق في ذات الوقت أمنيات الفلسطينيين وحلمهم في قيام دولة لهم مستقلة وذات سيادة (حتى لو كانت مسالمة) ولو على ما لا يقل عن (30%) من وطنهم التاريخي.

هل هذا ممكن؟ إنه في الواقع الممكن الوحيد إذا توفرت القناعة من الأطراف المعنية، وجرى الأخذ بكل ما يلزم لتطبيقه بأمانة وشفافية.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF