التحديث السياسي الذي جاء كأحد أهم مخرجات اللجنة الملكية، ضمن حزمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية، يمثل إرادة جلالة الملك في إحداث عملية إصلاحية جذرية، وصولا إلى التنمية الشاملة التي تضمن مشاركة حقيقية لشعبنا الأردني في عملية البناء والتحديث، واتخاذ القرار الذي يهم حاضره ومستقبله.
ويمكن الجزم بأن هذا المشروع أراده الملك أن يكون وطنيا، تدخل به بلادنا مئويتها الثانية بكل ثقة ويقين، وأن مجمل التحديات الداخلية والخارجية لا يمكن مواجهتها، وإيجاد الحلول الناجعة للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، بدون إصلاحات جوهرية أو -إن شئتم- ثورة بيضاء بإسناد ومتابعة مباشرة من لدن جلالته وسمو ولي العهد، والتي انطلقت قبل عام ونيف.. أي أن قرار السير في نهج الإصلاح والتحديث قد اتخذ ولا رجعة عنه!، ويمثل، في الوقت ذاته، ردا قاطعا على المتخوفين والمتشككين في جديته.
لكن في المقابل، فإن حركة الإصلاح والتحديث الشامل لا يمكن ان تصل إلى هدفها المنشود بدون روافع ضرورية، وفي مقدمتها احزاب سياسية حقيقية وقوى اجتماعية وهيئات مدنية فاعلة تؤمن بالتغيير، وتكرس جهودها وطاقاتها الهائلة لاستنهاض الهمم، وتوظيف القدرات والامكانات في خدمة المشروع الوطني الذي يتطلب تحويل بلدنا إلى ورشة عمل كبرى، يشارك فيها كل صاحب رأي وفكر وخبرة، أسوة بتجارب الدول والشعوب التي حولت الصعوبات إلى فرص وقصص نجاح.
وشعبنا لديه ما يكفي من الإمكانات والكفاءات ما يجعله قادرا على قبول التحدي واحداث المعجزات، وهو الذي استطاع بناء دولة حديثة قوية راسخة في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، بجده وصبره ووطنيته والتفافه حول قيادة حكيمة تحمل رسالتين: تاريخية وإنسانية، استطاعت الحفاظ على الأردن (الأرض والشعب)، والانتقال به إلى بر الأمان وسط العواصف والأخطار والاطماع والتحديات الهائلة التي واجهته داخليا وخارجيا على مدار قرن كامل، ولا تزال.
إن شعبنا اليوم أمام مسؤوليات تاريخية لانجاح مشروعه الوطني النهضوي، والذي لن يتأتى إلا من خلال المشاركة الفاعلة والواسعة في الحياة السياسية، والتي سيشهد العام القادم استحقاقات انتخابية على أسس جديدة، قوامها توسيع الدوائر الانتخابية، والقوائم الحزبية الوطنية، وتشجيع مشاركة المرأة والشباب.
وأخيرا، فإن مواجهة دعاة السلبية والتشكيك، وبث أجواء اليأس وعدم اليقين، لا يمكن ان تنجح إلا بالانخراط في الحياة العامة، ولان البقاء "على الرصيف"، لا يجدي نفعا ولن يبني وطنا قويا مزدهرا.
فالأردن بحاجة إلى جميع أبنائه وبناته، بغض النظر عن تباينهم في المواقف والطروحات.. انه نداء الوطن الاعز، الذي يستحق أن نقول له: أبشر! نحن معك دائما.. ولن نخذلك!.
عضو مجلس الاعيان