خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

القارة الإفريقية من «الاستقلال» إلى «التحرر»

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

منذ ستة عقود تقريباً حصلت بعض الدول الإفريقية التي تشكل ثلث بلدان القارة على استقلالها من فرنسا التي كانت ذات يوم ثاني إمبراطورية استعمارية في العالم (بلغت مساحة مستعمراتها في عام 1946، 13 مليون كيلو مربع)، لكنها في الواقع بقيت تحت الهيمنة الفرنسية بشكل أو بآخر حيث ابتكرت فرنسا مصطلح «إفريقيا الفرنسية»، و«رابطة الفرنكفونية» واعتبرت هذه الدول الإفريقية بمثابة «الفناء الخلفي» لها وجذّرت هذا المفهوم بتواجد عسكري على شكل قواعد، أو باتفاقيات عسكرية، فضلاً عن ربط عملات هذه الدول بالفرنك الفرنسي (7 من 9 دول في غر? إفريقيا ما زالت تستعمل «الفرنك الإفريقي» المرتبط باليورو، وتلتزم هذه الدول بأن تحتفظ بـ 50% من احتياطات عملاتها الأجنبية في الخزانة الفرنسية، فضلاً عن عضوية فرنسا في مجلس إدارة البنك المركزي لدول غرب إفريقيا)، ناهيك عن نشاطات الشركات الفرنسية في استخراج وتصنيع المعادن والموارد الهائلة في الدول الإفريقية كأنشطة شركة «توتال» (قطاع النفط والطاقة)، وشركة بويج (العقار)، وأورانج (الاتصالات)، وذلك فضلاً عن اعتبار هذه الدول سوقاً مفتوحة للصادرات الفرنسية المختلفة.

لقد أدّى كل ما سبق من «هيمنة» و"استغلال» إلى تململ شعوب هذه الدول وتحرك نخبها (وبالذات العسكرية منها) لإنهاء هذا الوضع، وهذا ما يفسر في الواقع ما حصل في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، وأخيراً النيجر، فكلها طلبت من فرنسا إنهاء وجودها العسكري (لأنها شعرت أنها لا تساعدها بما فيه الكفاية في السيطرة على أقاليمها ضد حركات التطرف التي تنشط في منطقة «الساحل")، وكذلك وضع حد لهيمنتها الاقتصادية التي تجعل من النيجر مثلاً (يحوي 86% من يورانيوم العالم و 60% من ذهبه) أفقر بلاد العالم حسب التقارير الدولية المستقلة.

ويكفي أن نتذكر أن النيجر تصدر إلى فرنسا من اليورانيوم ما يكفي لتشغيل 20% من مفاعلاتها النووية التي تنتج 75% من كهربائها.

لقد أوضحت المظاهرات الشعبية في دول الغابون والكونغو الديمقراطية ومالي، وبوركينا فاسو والنيجر وغيرها أن شعوب هذه الدول قد سئمت السيطرة الفرنسية وأنها تتوق إلى «التحرر» غير عابئة بأنظمة الحكم «الدستورية» التي دعمتها فرنسا ولكنها فشلت في العمل لصالح شعوبها في المحصلة، ومما يغذي مشاعر المواطنين في هذه الدول حضور عدد من الدول التي تقترح دعماً ومشاريع تنموية واعدة كالصين، وروسيا، والولايات المتحدة، والهند، وتركيا وغيرها.

إن التنافس الدولي على قارة إفريقيا هو في أوجه الآن، وذلك إدراكاً من هذه الدول للأهمية القصوى التي تحظى بها هذه القارة والتي تتجلى فيما يلي:

أولاً: الموقع الجيواستراتيجي، حيث تشكل القارة الإفريقية حلقة وصل بين القارات المختلفة وبالذات المهمة منها كأوروبا وآسيا.

ثانياً: امتلاك ثروات طبيعية هائلة، والواقع أنها تُعتبر خزاناً استراتيجياً غنياً للطاقة والمعادن النفيسة، والموارد بشكل عام.

ثالثاً: كونها ثاني أكبر قارات العالم واستحواذها على أهم الممرات البحرية في العالم كقناة السويس، ومضيق باب المندب، ومضيق جبل طارق وغيرها.

رابعاً: تميزها بتراث حضاري عريق، وتركيبة سكانية كبيرة (775 مليون نسمة) أو ما يشكل (11%) من سكان العالم.

وإذا كان هناك من دروس يجب أن تتعلمها القوى المتنافسة على القارة، فهي ضرورة احترام شعوب دولها، والكف عن استغلالها، ونهب خيراتها، والأخذ بيدها لتطوير أنظمة سياسية ذات حوكمة رشيدة (Good Governance) تعمل لصالح شعوب المنطقة وليس لصالح أنظمة ذات «شكليات» ديمقراطية لكنها سلطوية وفاسدة ومتواطئة مع القوى الكبرى في الواقع.

إن التطورات الأخيرة التي حصلت في النيجر وقبلها في مالي وبوركينا فاسو وغيرها تدل دلالة قاطعة على توق شعوب هذه الدول إلى «التحرر» بعد أن حصلت على «الاستقلال» من الدول المستعمرة، ولعلّ هذه هي اللحظة التاريخية المناسبة التي تستوجب من القوى الكبرى القادرة أن تدرك أحلام هذه الشعوب، وتطلعاتها وأن تعمل على إحداث تنمية حقيقية تنفع هذه الشعوب وتنفعها هي بطبيعة الحال ومن يعشْ يرَ.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF