في سياق الجدل الحاصل حول القانون المثير للجدل والذي ما زال على اجندة مجلس النواب في دورته الاستثنائية وهو قانون الجرائم الالكترونية الوارد من الحكومة قد برز حراك سياسي تجاذبت أطرافه احكاما مسبقة على هذا القانون، من خلال تسليط الضوء على زاوية محددة اذا ما قورنت بأهمية القانون وشموليته فهي نقطة ضئيلة، وأن اهم ركائزها المرفوضة هو العقوبات المترتبة على مخالفة ذلك القانون، ولكنها في سياق ما ترسخ في اذهان البعض من شعبوية ونظرية المؤامرة التي تحاك هنا وهناك تحت عناوين «تكميم الافواه» وتحت عنوان آخر جديد استبدل نظ?ية المؤامرة والتي استهلكت إعلاميا الى عناوين جديدة منها ان هذا القانون جاء على خلفية «اجندة سياسية غامضة «"ومشروع سياسي مريب» يستهدف القضية الفلسطينية والسيادة الأردنية ولذلك تم وضع هذا القانون على اجندة الدورة الاستثنائية لمجلس النواب.
هنا أقول لن اذهب الى أهمية إقرار هذا القانون والذي اصبح مطلبا حيويا في بعديه الاجتماعي والحكومي وفي بعده الشخصاني وانعكاسات تلك الفوضى في الفضاء الالكتروني ولن ادخل في الأرقام عن تضاعف حجم الجرائم الالكترونية في فترة لا تتعدى عاما واحدا فتلك تم استهلاكها والكل يعلم عن مدى انعكاساتها على الوعي الجمعي وعلى التوظيف المنظم والممنهج لاغتيال الشخصيات السياسية والمجتمعية في شتى مجالات وفئات المجتمع.
وأن ذلك كله قد تم تغطيته بحوار غير مسبوق بين تلك القوى التي تعتبر نفسها قيادة مجتمعية وسياسية لا ترى فيه إلا ذلك الفراغ الذي يغطي جزءا بسيطا من الكل الملآن في الكأس، ويعتبر هذا الفراغ هو مؤامرة تستهدف بتجلياته القضية الفلسطينية وتذهب الى التهديد بالشارع لإجهاض ذلك المشروع وتلك المؤامرة الكونية كما سمعنا من خلال الاصطفافات والتجمعات هنا وهناك، وأن حرية التعبير سيتم الالتفاف عليها على اجندة التحديث السياسي، كل ذلك نسمعه ونراه، ونستغرب تماما أنه وفي سياق هذه الحرية المطلقة في التعبير عن رفض القانون لا يلتفت ا?بعض الى ان هذا العصف الذهني هو جزء لا يتجزأ من الديمقراطية على أرض هذا الوطن الحبيب، وأن الذهاب لاعتبار هذا القانون عودة وتراجعا يرتقي لمستوى القوانين العرفية هو تجني على كل مخرجات التحديث السياسي، المحمية بالقانون وبالضمانة الملكية التي تؤكد على الدوام أن لا تراجع عن الديمقراطية وحرية التعبير، وأن ذلك خط احمر غليظ، وهذه ضمانة ملكية مطلقة وليس بعدها ضمانة.
الأهم من كل ذلك ان زج القضية الفلسطينية في سياق المؤامرة الكبرى التي يترجمها هذا القانون قانون الجرائم الالكترونية كما يقال ويعمم ويروج له هو تدخل سافر في قرارات الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
إن الشعب الفلسطيني يرفض رفضا قاطعا التباكي على قضيته، وان الشعب الفلسطيني منذ قرن وربع واجه كل المشاريع والمؤامرات الدولية لسحق هويته ولكن كل ذلك لن يعطي أي نتيجة سياسية على الإطلاق، فالهوية الفلسطينية المستقلة ما زالت رافعة العمل العربي وأجندته كأولوية ما بعدها أولوية، وأن ما يشاع هنا وهناك حول القضية الفلسطينية ومستقبل السلطة الفلسطينية هو شأن فلسطيني خالص لأن محوره وأساسه الشعب الفلسطيني ذاته..
على المتباكين أن يعلموا أن القوى الحقيقية المحركة للمقاومة الفلسطينية تصنع الآن في جنين ونابلس وطولكرم والخليل من خلال الفتية الفدائيين الجدد وكتائبهم.
فلا تتباكوا على القضية الفلسطينية فان الشعب الفلسطيني لا يمر عليه أي مشروع لا يحقق أهدافه الاستراتيجية، وأن ذهاب البعض الى استهداف الشرعية الفلسطينية تارة واستهداف القوى الإسلامية تارة أخرى وتصنيفها على أساس ان ذلك مقاوم والاخر ذاهب الى المحاصصة يصب في مصلحة تعميق الشرخ والانقسام في المقاومة الفلسطينية وهو هدف صهيوني بامتياز.
وهذا أيضا هدف استراتيجي لمشروع الحسم الصهيوني والذي أقر أمس التعديلات القضائية والتي أعطت حكومة الفاشية الصهيونية في دولة الاحتلال صلاحيات مطلقة وخاصة على صعيدي مشروع الضم والتهويد وبناء الهيكل المزعوم فلم يعد هناك أي رقيب او حسيب على هذه الحكومة والتي مررت هذا القانون وهو قانون أساس رغم الضغط الهائل من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية بان هذا القانون ينسف مرتكزات الدولة المدنية المزعومة لدولة الاحتلال انه قانون أساس يرتقي الى مستوى قانون دستوري ولكن دولة الاحتلال ليس لها دستور لان الدستور ي?طلب حدود سيادية للدولة المزعومة وحقوق متساوية وعدالة وهو ما ترفضه كل القوى السياسية الصهيونية في هذا الكيان الفاشي.
إذن سيعمل الكيان الصهيوني دون أي تحفظ متسلحا بهذا قانون الأساس على استكمال مشروع الضم والتهجير القسري وهو خط احمر عند القيادة الهاشمية الفذة والتي واجهت دون تحفظ كل مشروع صفقة القرن.