تناولت في مقال سابق عددا من الأوهام التي بددتها مراسم زفاف صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، وفي هذا المقال سأشير إلى حقيقة حضارية كبرى أكدتها وأبرزتها مراسم الزفاف، وهي حقيقة تقول إن الشعب الأردني شعب عظيم، له تراث شعبي عريق، يدل على عمق حضارة هذا الشعب، وغنى هذه الحضارة، ذات البعد الإنساني، بدليل أن مراسم الزفاف الملكي التي جسدت هذا التراث أبهرت الناس في شتى بقاع الأرض، وظلت مسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي لأيام طويلة من عمر الكثير من شعوب الأرض، مما يؤكد أن التراث الشعبي ال?ردني ذو طابع إنساني عالمي، قادر على رسم صورة مشرقة للأردن والأردنيين.
أول صفة إنسانية في التراث الشعبي الأردني، أنه تراث ذو طابع جماعي، سواء كان ذلك في رقصاته ودبكاته، التي ترى كلها بصورة جماعية، لذلك فانها تصنع فرحا إنسانيا يستغرق الجميع، من الدبيكة أو من يشاهدونهم، ومن الذين يغنون أو الذين يستمعون إليهم، فيتميلون على أصواتهم أو أصوات أقدامهم وهي تكلم الأرض اثناء الدبكات الأردنية.
صفة إنسانية أخرى يتصف بها تراثنا الشعبي الأردني، هي أنه يزخر بالعواطف الإنسانية، كالخوف على الأب والأخ، وتمني عودة الغائب والسلامة للمريض، والخوف على الإنسان حتى من (هبة الهوا)، بالإضافة إلى التوصية للعناية بالصغير والكبير، ناهيك عن أنه تراث زاخز بالفخر، خاصة بمكارم الأخلاق، وبصفات الجود والكرم والشجاعة.
كما أن التراث الشعبي الأردني، غني بالصور الحسية من مثل (لفوا حوليه حمامه بعده جديد لا يعبر الهوا عليه).
لكل ما تقدم ولغيره فان تراثنا الشعبي الأردني، يستحق الكثير من العناية والاهتمام والدعم، خاصة من خلال دعم الجمعيات والفرق التي تحرص عليه، لتقول في النهاية إنه من المعيب أن لا يكون لدينا فرقة وطنية للتراث الشعبي الأردني.