يصلح الذي جرى ويجري لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة درسا ليرتدع ويتعظ به كل فاسد، حتى لا يلقى مصير رياض سلامة، فبعد أن كان سلامة رجل لبنان القوي المرحب به في كل عواصم الدنيا، خلال ثلاثة عقود هي المدة التي شغل فيها وما زال موقع الحاكم، ها هي الأرض تضيق به، فلا يستطيع حتى النوم في منزله الفخم بالرابية الضاحية البيروتية الراقية، حيت رابطت وحدة من أمن الدولة اللبناني لاعتقاله، تنفيذا لمذكرة قضائية لبنانية باعتقاله، بعد أن تم حجز جوازات سفره، فلم ينفعه تعدد الجنسيات التي يتمتع بها، بالإضافة إلى مذكرات توقيف أخرى ص?درة من أجهزة قضائية غربية منها القضاء الفرنسي والقضاء الالماني، بالإضافة إلى إشارة حمراء من الإنتربول الدولي تلزم دول العالم باعتقاله في حال وصوله إلى دولة من هذه الدول، بتهم الفساد والتهريب وتبييض الأموال، والصفقات المشبوهة، وصولا إلى تشكيل عصابات أشرار لتنفيذ ذلك كله.
بالإضافة إلى مطاردة سلامة لاعتقاله، كذلك تم تجميد أمواله في العديد من الدول الغربية، وتجميد الاموال صار وسيلة غربية لمصادرة أموال الأفراد والجماعات والدول تحت مبررات كثيرة، مما يبطل مقولة المصارف الغربية الآمنة التي يستثمر بها الكثير من الاغنياء في بلادنا، بدلا من الاستثمار داخل اوطانهم.
وعلى ذكر أموال سلامة فإن ماكشفت عنه التحقيقات حتى الآن تتجاوز قيمته نصف مليار دولار، موزعة على العديد من الدول الغربية، بممارسة اعتاد عليها الفاسدون من العالم الثالث.
ليست مذكرات التوقيف وعدم قدرته على الوصول إلى منزله في الرابية، الضاحية الراقية لبيروت، هو فقط ما يعاني منه رياض سلامة ويضيق عليه الخناق، فاشد من ذلك تخلي الكثيرين عنه، ومنهم زوجته التي ادلت للقضاء بالكثير من المعلومات عنه، انتقاما منه لخياناته المتكررة لها، خاصة مع فنانة لبنانية يقال انها تمتلك عدة عقارات فخمة في لبنان، وانها تسكن في شقة فخمة ببيروت بايجار شهري يصل إلى خمسة وعشرين الف دولار، والتي مكنها سلامة من تحويل نصف مليون دولار الى الخارج، ورفض تنفيذ قرار قضائي برفع السرية المصرفية عن حساباتها البنك?ة، في الوقت الذي لا يستطيع فيه المواطن اللبناني سحب اكثر من ثلاثتمئة دولار من مدخراته في البنوك اللبنانية، ويقال ان سلامة يستخدم هذه الفنانة لتبيض الأموال.
غير الفنانة اللبنانية التي ينفق عليها سلامة، فإنه يخصص لزوجته الاولى ثلاثة الاف وخمستمئة دولار أمريكي شهريا، بينما يخصص لصديقة اوكرانية أربعة آلاف دولار شهريا، ناهيك عن صديقات اخريات، بينما يعاني الشعب اللبناني الجوع والعطش وانعدام الكهرباء جراء السياسات الاقتصادية التي كان عضو مجلس محافظي البنك الدولي رياض سلامة عرابها.
غير زوجته التي تخلت عنه عندما قدمت للقضاء الكثير من المعلومات التي تدينه، هاهم الكثيرون من أفراد الطبقة السياسية والاقتصادية التي كانت تتبادل مع سلامة المنافع والمصالح على حساب الشعب اللبناني تتخلى عنه، بينما يطالب هو بمحاكمتهم قبل محاكمته. التي صارت مطلبا شعبيا للبنانيين الذين واصلوا تنظيم الوقفات الاحتجاية مطالبين بمحاكمة سلامة وزمرة الفاسدين التي اوصلت لبنان إلى ماهو عليه من انهيار، نتيجة للفساد هذه المرة.
كثيرة هي الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من قضية رياض سلامة اقلها، أن رجلا واحدا يوضع في مكان غير مناسب يمكنه تدمير دولة وتجويع شعب، وأن الفاسد سيلقى عقابا وخيما، لكن الفاسدين لا يستوعبون درس من سبقهم.