خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

خواطر شاهد عيان.. على بعض تاريخ السودان!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة

29/5/2023

في اربعينات القرن الماضي كنا أطفالًا حين عرفنا من الطوابع البريدية ان الملك فاروق هو ((ملك مصر والسودان و.. كردفان))، وكلها كانت تحت حكم الاستعمار البريطاني بقواعد عسكرية أشهرها في قناة السويس، اما قواته في القاهرة فجلت عنها سنة ١٩٤٧ بعد مفاوضات عسيرة وبقرار من هيئة الأمم المتحدة فكانت تقيم في قشلاقات (ثكنات) قصر النيل على شاطئ النيل وحلت محلها قوات مصرية كنت اشاهدها يوميا عام ١٩٤٨ في ذهابي بالأوتوبيس الى مدرستي في الجيزة، ثم أزيلت وأنشئ مكانها فندق هيلتون والجامعة العربية.

عرفت عن السودان الكثير اثناء الدراسة الجامعية التي كانت تعج بالنشاط السياسي، ومن زملائي السودانيين وكان اكثرهم مسيّسين ان وحدة وادي النيل كانت صورية هدفها تسهيل مهمة الاحتلال البريطاني وحكمه الفعلي للبلدين الشقيقين، فلا يأخذها المواطنون المصريون على محمل الجد ويختلف حولها السودانيون بين حزبين اكبرهما حزب الامة بقيادة صدّيق المهدي المعارض للوحدة مع مصر، والحزب الوطني الاتحادي بقيادة اسماعيل الازهري الذي تدعمه الحكومة المصرية، ثم بعد قيام الثورة المصرية بدأت العلاقة مع السودان تأخذ شكل الجوار والاحترام المتب?دل وخرجت القوات البريطانية من البلدين في ١٩٥٦، وبدأت اميركا التسلل لتحتل محل بريطانيا ففشلت مع عبد الناصر وربما نجحت في السودان دون ضجيج باستلام قائد الجيش الفريق ابراهيم عبود باشا رئاسة الحكومة في ١٩٥٨ !

وتوالى بعد ذلك حكم الجنرالات بالانقلابات العسكرية فجاء جعفر النميري عام ١٩٦٩حتى اطاحته ثورة ديمقراطية في ١٩٨٥ وفر من البلاد حاملًا حقيبة أفرغ فيها ما تبقى في خزينة البنك المركزي من دولارات! وكانت لي بالصدفة زيارة رسمية للسودان في شباط ١٩٨٦ لتراس اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب في الخرطوم، وطلب مني سمو الامير الحسن (ولي العهد آنذاك) ان أصاحب الفريق الطبي والتمريضي المتوجه في نفس الوقت لتشغيل المستشفى الاردني في مدينة نيالا بدارفور وكانت الحكومة الاردنية قد جددته وجهزته العام السابق وهي قصة رويتها من قبل وكادت?نهايتها ان تتحول الى مأساة بسبب الغزوات عبر الحدود التشادية! ومن المعروف ان اسم دارفور يتردد هذه الأيام كإحدى ساحات المعارك الحربية الدائرة بين الجيشين المتقاتلين كما تتسرب انباء عن قرب انفصالها عن الوطن الام!

أما اثناء اجتماعاتنا فقد تعرفنا عن كثب على روح الشعب السوداني في تطلعه للحياة الديمقراطية وكان لقاؤنا المطول مع رئيس الوزراء الصادق المهدي الذي تحدث بحميمية حول اخطار الحكم العسكري ووراءه دائما اجهزة استخبارات دولة اجنبية لم يشأ بالطبع ان يسميها، وذكّر ان في منطقتنا أيادٍ خفية اسرائيلية ينبغي الحذر منها، وما هي الا سنوات قليلة (١٩٨٩) حتى انتكست الديمقراطية الغضة وعاد السودان الى قبضة الجيش بانقلاب عسكري قاده عمر البشير وخططت له الجبهة الاسلامية القومية (حسن التهامي) المنشقة عن الاخوان المسلمين، وحتى ٢٠١٩ ا?تمر التدهور الاقتصادي والاقتتال العشائري والتمييز العنصري بين الشمال والجنوب وأدى في عام ٢٠١١ لانفصال جنوب السودان في دولة مستقلة تحتوي على اهم آبار النفط، كما برز في قمع تمرد دارفور دور قوات الدعم السريع ((الجنجويد)) بقيادة حميدتي الذي يقاتل اليوم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان! اما البشير فقد أُطيح به في ثورة شعبية عام ٢٠١٩ قادته قوى التغيير الديموقراطي لكن الجنرالات قطفوا ثمارها وتمسكوا بالحكم بحجة المحافظة على الوطن من انعدام الأمن، الى ان افتضح الصراع العسكري على السلطة داخل الجيش نفسه وانفجر القتال في?الشهر الماضي، واستمر دمويا مدمرًا لم تتمكن كل محاولات التهدئة في الأيام الأولى من مجرد الاتصال بأحد طرفيه باستثناء أنطوني بلينكن الذي هاتف الاثنين!

وبعد.. كل الثورات والانتفاضات الشعبية نراها تُساق إلى الخلافات فالفشل بالمؤامرات الخارجية حفاظًا على مصالح شركات دول اجنبية تعودت نهب ثروات البلاد، واوضح ذلك ما جرى ويجري في افريقيا، فهل علينا ان نصدق هذه المرة ان الامر مختلف!؟

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF