بعد أن حصلت الأحزاب على تراخيصها واستكملت كافة الاجراءات القانونية لولادتها ككيانات قانونية ورسمية، واجراء مؤتمراتها التأسيسية وانتخاب امنائها العامين ومجالسها المركزية واستكمال الهيكل الإدراي والتنظيمي، تنتج تساؤلات كثيرة حول نجاحها، ومدى أثرها في الحياة الحزبية الأردنية.
الدولة قامت بكل ما عليها في إطار تمكين الأحزاب مدعومة بإرادة ملكية قوية من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني بتذليل كافة العقبات التي تواجه العمل الحزبي وصولاً لحياة حزبية لها وجودها وأثرها على الحياة السياسية في المملكة، بشكل يمكنها القيام بأدوارها الإيجابية في طريق الوصول إلى حكومات حزبية كخطوة مهمة في طريق التحول الديمقراطي.
مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والضمانة الملكية لها وما ارتبط بها من إقرار قانوني الانتخاب والاحزاب وبما يخدم تمكين الشباب والمرأة، فضلا عن التعديلات الدستورية ذات الصلة، وضعت الأحزاب على الطريق الصحيح، وبقي عليها الدور الأكبر في تطوير إمكاناتها وأدوارها، فالكرة الآن في مرماها.
وهنا بذلت الدولة بكل أركانها مستندة إلى دعم ملكي منقطع النظير كل الجهود التي من شأنها توفير البنية الأساسية لإيجاد أحزاب قادرة وقوية يمكن أن يكون لها دور محوري ومؤثر في البرلمان القادم عبر تخصيص كوتا مقاعد نيابية للأحزاب، وبذلك تكون هذه البنية أسست لحياة حزبية نتوق لها جميعا.
غير أن الواقع المعاش يفرض تساؤلا هل هذه الأحزاب قادرة على إحداث التغيير الإيجابي بالوصول إلى حياة حزبية حقيقية تنعكس إيجابا على الصالح العام، وصولا لإنموذج ديمقراطي أردني يحتذى بما يلبي طموح الأردنيين.
وهنا ما المطلوب من الأحزاب بعد مرحلة التأسيس والتمكين؟ -سؤال متداول بين جميع الأوساط السياسية والشعبية- حتى تتمكن من القيام بأدوارها الإيجابية كجزء ومكون رئيس من مؤسسات النظام السياسي، والتي لها أدوار نافعة وكبيرة في كثيرا من النظم السياسية في مختلف دول العالم.
أعتقد جازما أن المطلوب من الأحزاب الاشتباك الفعلي مع القواعد الشعبية، والتي تعد الحاضنة المهمة والمحورية لتكون رافعة وداعمة لها في إطار وصولها إلى القدرة والتأثير في الحياة السياسية الأردنية، بما ينعكس إيجابا على المجتمع والوطن.
لا يختلف إثنان أن أحزابا بلا حاضنة شعبية تفقد قوتها وتأثيرها وستبقى مجرد كيانات مفرغة من أدوات قوتها وستبقى شكلية دونما أي تأثير سوى أننا نراها مقرات ومكاتب تحمل اسماء دون مضمون أو تأثير.
وفي هذا، على الأحزاب التوجه نحو المحافظات والقرى والبوادي والمخيمات وصولا لايجاد قواعد شعبية تمكنها من تحقيق أهدافها عبر قوة الحضور والانتشار بما يمكنها من الحصول على مقاعد نيابية تلبي طموحها وتمكنها بذات الوقت من إحداث الأثر القوي في البرلمان.
وعلى ذات الصعيد على الأحزاب أن تكون برامجية وتجسد ذلك واقعا معاشا، وأن تنتج برامج واقعية قابلة للتنفيذ تطال صعد الحياة كافة، وأن تكون ملامسة لآمال وهموم وتطلعات القواعد الشعبية، شريطة أن تكون مقنعة لتمكنها من تجسيد سياسة استقطاب فاعلة وناجعة.
كل الأوساط المعنية وذات العلاقة على قناعة تامة وراسخة أن الأحزاب الصورية والشكلية ولت من غير رجعة، فمن يريد التفوق والتميز على مستوى الأداء والحضور يحتاج إلى الانغماس بالهموم الوطنية، وأن يتلمسوا عن قرب احتياجات وتحديات المجمتع بكل فئاته وأن تتوفر لديهم ثقافة العلاج والحلول
أحزاب بلا حلول وبرامج وقواعد شعبية ستعيدنا الى المربع الاول احزاب شكلية وشخصية لا تغني ولا تسمن من جوع وستحكم على التجربة بالفشل حينها سنطلق رصاصة الرحمة على الحياة الحزبية برمتها، لذا على جميع الاحزاب ان يتحلوا بالجد والاجتهاد واحتراف العمل الحزبي بما يلبي طموحات الأردنيين.
ختاماً، تمكين الاحزاب والوصول إلى حياة حزبية قوية، واقع مدعوم بارادة سياسية قوية وما على الاحزاب الا اغتنام الفرص المتاحة واستثمار كافة سبل التمكين المتوفرة للوصول الى احزاب برامجية فاعلة ومؤثرة تحقق المأمول..