خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الحدث العربي بين المحلية والعالمية

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. صلاح جرّار

تقتحم قوات الاحتلال الإسرائيلي في ليلة واحدة أو في فجر يوم واحد عدة بلدات ومخيمات ومدن فلسطينية بشكل إجرامي وحشي دموي وبمئات الجنود المدربة والمدججة بأنواع الأسلحة كافة وعشرات الآليات والجرافات، فتغتال من الشباب والأطفال من تغتال وتمنع وصول سيارات الإسعاف إليهم حتى تضمن موتهم، وتعتقل من تعتقل وتدمر من المنازل ما تدمر وتيتم من الأطفال ما تشاء أن تيتم وترمل من النساء ما تشاء أن ترمل، وتعود–كما تدعي بياناتها العسكرية–سالمة غانمة، وبعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة تعود الحياة في وسائل الإعلام العربية والعالمية?وكأن شيئا لم يكن إلا من تصريحات باهتة من أشخاص لا تتغير أسماؤهم ولا ألقابهم ولا وظائفهم.

وفي مقابل ذلك تعثر قدم جو بايدن بإحدى عتبات سلم الطائرة عثرة بسيطة فتشتعل قنوات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية والصحف العربية والأجنبية بهذا الحدث الجلل.

وقد يصاب مستوطن إسرائيلي أو كلبه أو قطته بالهلع نتيجة انطلاق صفارات الإنذار في محيط المستوطنة التي يقبع فيها، فتنطلق الإدانات شديدة اللهجة من الولايات المتحدة الأمريكية ومسؤوليها على مختلف مستوياتهم مرورا ببلدان أوروبا كافة ضد ما يسمونه بالإرهاب الفلسطيني والاعتداءات الآثمة التي يشنها الإرهابيون الفلسطينيون على المدنيين الإسرائيليين الآمنين، وترفع في أمريكا شعارات حق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها والتزام الإدارة الأمريكية المطلق بأمن (إسرائيل)، وتضج وسائل الإعلام العالمية بتغطية هذا الحدث الاستثنائي.

ومن هنا يبرز السؤال التالي: متى يكون الحدث محليا ولا تتعدى أخباره حدود المنطقة التي يقع فيها؟ ومتى يكون عالميا تتناقله الدنيا بما رحبت ويعلق عليه المسؤولون العرب والأجانب في كل مكان ويتردد صداه أياما وأزمنة متطاولة؟.

ولدى المقارنة بين الحالات الموصوفة أعلاه يتبين أن المعيار الأبرز في تصنيف الأحداث إلى محلي وعالمي هو وزن الإنسان في البلدان التي تقع فيها الأحداث ووزن دمه وحياته وكرامته، فالإنسان العربي في عرفهم وفي نظرهم مخلوق لا قيمة له ولا وزن ولا ينبغي أن يؤبه بحياته أو دمه أو روحه أو وجوده أو كرامته أو حقه أو ممتلكاته، وهذا التصنيف لا يشمل الإنسان الفلسطيني فقط بل الإنسان في البلدان العربية كافة وهذا ما أثبتته أحداث تاريخية ماضية كثيرة وأحداث حاضرة واعتداءات إسرائيلية متكررة على أراض عربية، وهي اعتداءات لا تغطى أخبار?ا في وسائل الإعلام العالمية وحتى العربية إلا عرضا ولا يعقبها أي تعليق أو تصريح أو إدانة من أي جهة عالمية بما فيها المنظمات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة.

ولما كانت الأحداث التي يمكن وصفها -منطقيا- بالأحداث الخطيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية لا تجد صدى أو اهتماما في الأوساط العالمية الإعلامية والسياسية فقد أدى ذلك إلى تمادي الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه فواصل القيام بجرائمه بصورة يومية دون أي مساءلة حتى تحول ذلك إلى مشهد يومي مألوف.

وإذا ما أردنا أن تصنف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الأراضي الفلسطينية والعربية على أنها أحداث عالمية فلا بد لنا من الحرص على أن نرفع من وزن إنساننا العربي ووزن دمه وروحه وكرامته وجوده وممتلكاته، وإلا فإننا سوف نبقى على هامش اهتمامات ما يسمى الأمم المتحدة والدول الكبرى والمجتمع الدولي والإعلام العالمي، ونبقى على هامش الحياة مهما بذلنا لهذا العالم من آيات الطاعة والاحترام والمحاباة والمجاملة والديبلوماسية والاسترضاء والاسترخاء والتسامح.

وحتى يكون لإنساننا العربي شأن ووزن واعتبار وتقدير ومكانة من قبل الآخرين لا بد أن يكون له مثل ذلك في أوطانه.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF