وسط البهجة التي تغمر قلوب الفلسطينين بشهر رمضان المبارك، والذي تترجمه الزينة الرمضانيةبأشكالها كافة، وحرصهم على الوفاء بعاداتهم وتقاليدهم الرمضانية، حيث الإفطارات الجماعية، ودعوات الأهل والاقارب والاحباب لتناول ما لذ وطاب من الأصناف الغذائية الرمضانية، خاصة المقلوبة، والمسخن، والمفتول، والقدرة الخليلة، وغيرها الكثير.
غير إن رمضان بالقدس الحبيبة حيث المسجد الأقصى له مذاق خاص لاهلها حيث يصعب على القادمين من خارج المدينة الوصول اليه بفعل الحواجز العسكرية، وانتشار جنود الاحتلال على الطرقات وإغلاق مداخل المدينة أمام زوارها المسلمين، مما جعلها وهي المقدسة معزولة عن العالم.
ورغم ذلك فان الفلسطينيين يعبرون هذه الحواجز وينجحون في الصلاة بالمدينة العتيقة، لأداء العبادات الرمضانية والتسبيح والذكر واقامة المسابقات في تلاوة القرآن. غالبا ما تجري أيام الشهر الكريم بفلسطين وسط تحديات جمة واشتباكات بين المصلين وجنود الاحتلال لمنعهم من الصلاة بالمسجد الاقصى، وهو ما يجري حاليا، لكن العنف والاجرام هذه المرة فاق كل حدود لقيم العدالة والقانون الدولي والانساني.
فما تعرضت له باحات المسجد الاقصى بالايام الماضية من اقتحامات من جانب الشرطة الاسرائيلية، وإطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، من أجل إخلاء المسجد ومنع المصلين من الاعتكاف فيه، واعتقال الشرطة الإسرائيلية ما لا يقل عن 350 مصلياً فلسطينياً في أعقاب اشتباكات داخل المسجد الأقصى بالقدس، يمثل انتهاكا صارخا للقانون و لحرمة الاماكن المقدسة وارهاب بحق المصلين وحقهم في العبادة.
للأسف فان السلطات الاسرائيلية سعت بقوة لافقاد الفلسطينين فرحتهم بالشهر الكريم وتجليات انواره، بمحاولات تهويد المدينة استثمار تقاطع شهر الصوم مع عيد الفصح اليهودي وهو ما يعني اقامة طقوسهم التلمودية. فكل انسان له الحق في ممارسة طقوسه الدينية
شريطة ان يوفروا لغيرهم حقهم في العبادة الرمضانية داخل المسجد الاقصى، ولكن المسلمين يتخوفون من أي هجوم ارهابي محتمل من المستوطنين اليهود عليهم خلال اعتكافهم، وتنفيذ مخطط تهويده ونزع هويته الاسلامية وهذا ما لا نقبل به ابدا..
نعم رأيي صريح وواضح في ان القدس موطن الاديان السماوية الثلاث اي مواطن عربي من الاديان الثلاثة من حقه العيش فيها وممارسة عبادته دون تهديد أمنه وسلامتة، فكم ارتوت أرض فلسطين الطيبة بدماء الشهداء من المسلمين والمسيحيين واختلطت دمائهم، بل دفنوا معا.
فالدين لله والوطن للجميع، المسلم و المسيحي واليهودي له حقوق متساوية في وطنه يعني اذا يهودي عربي من فلسطين فهو فلسطيني ويهودي عراقي فهو عراقي.
وبمناسبة عيد الفصح المجيد فالأخوة المسيحيين العرب وتحديدا من الأردن قد كان لهم باع طويل في فداء فلسطين، و"القبور» شاهدة على هذا الفداء، ففي مقبرة اليامون الإسلامية في جنين، يرقد رفات ثمانية شهداء من الجيش العربي الأردني دفنهم أهالي المدينة، من ضمنهم الشهيد الأردني المسيحي سالم البطارسة، إلى جانب سبعة من زملائه المسلمين.
وكذلك ثلاثة شهداء من الجيش العربي الأردني مدفونين في ساحة كنيسة اللاتين في مدينة القدس القديمة، تبين لاحقاً أن اثنين منهما مسلمين، والثالث مسيحي، الشهيد توما الحجازين.
عند دفنهم، لم يسأل أحد عن دينهم، فهم قبل أن يكونوا مسيحيين أو مسلمين، كانوا أردنيين وعرب، كانوا شهداء وقدموا حياتهم فداء للوطن بفلسطين عام ١٩٦٧ وليرحم الله الجميع ويدخلهم فسيح جناته.