في سياق التطورات الخطيرة التي تمر خلالها هذه المنطقة بشكل مباشر وظاهر وبآخر في الظل ولكن الأهم من كل تلك الاحداث هو ما يجري على ساحة كيان الاحتلال الداخلية والذي أظهر لكل العالم أن هذا الكيان غير متجانس في بنائه وتكوينه، وأسس إيجاده قصرا بالمنطقة، فإن الشرخ الأفقي والعامودي والذي عمق الهوة بين الكيان البنائي المدني والعلماني الذي ارتكزت عليه الكذبة الصهيونية بإقامة دولة الاحتلال وما بين الحقيقية الواضحة والقائمة على أن هذا كيان بهوية دينية يرفض الآخر ولا يسمح بالشراكة أو التعدد وأنه يجنح إلى الدكتاتورية ال?ينية والشوفينية.
تلك المقدمة تأتي من أن هذا الانحراف عن الخطوط العامة لقواعد الاشتباك التقليدية مع الكيان يجعل منطقة الشرق الأوسط وليس الشعب الفلسطيني فقط تحت تهديد افراغ أزمته الداخلية وافتعال تصعيد على كل الجبهات لانه المخرج الوحيد من ازمة هذا الكيان المارق وبوادر ذلك بدأت تتضح من خلال تصعيد الهجمات على الشقيقة سوريا مستهدفا المستشارين العسكريين للجمهورية الإسلامية الإيرانية مروا بقتل الدكتور العصيبي والذي استشهد داخل المسجد الأقصى وهو من فلسطيني الخط الأخضر مرورا باقتحام نابلس واستشهاد مقاومين فلسطينيين في اشتباك أدى ال? جرح ثلاثة جنود صهاينة مرورا باستهداف جديد لمنطقة النقب والاهم من كل ذلك الموافقة على تشكيل مليشيات يرأسها المجرم الصهيوني المتطرف بن غفير تحت يافطة الحرس الوطني والذي كان استهداف الكنائس المسيحية دون تحفظ او ريب هدفا يتوازى مع التصعيد ضد المقاومة الفلسطينية وترسيخ الاقتحامات في اطار هدفه المرحلي قائم على التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.
من هنا جاء لقاء جلالة الملك مع ممثلي الكنائس والوقف الإسلامي من المقدسيين وبحضور فخامة الرئيس محمود عباس «جدد جلالته الالتزام بالوصاية الهاشمية، وبالعهدة العمرية التي حفظت السلام والعيش المشترك وحافظت على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس منذ 1400 عام"
والإشارة الى العهدة العمرية يعني ان السردية الأردنية والفلسطينية ركيزتها الأساسية تقوم على الوئام بين الأديان والتعددية كسمة من سمات هذا التعايش التاريخي والذي يتناقض تناقضا كليا مع ما يجري من ازمة داخل الكيان الصهيوني وهي ازمة تحييد الاخر واقصائه ودكتاتورية الأغلبية البسيطة في تشكيله البنائي وهي إشارة من قبل جلالته بحكمة ذكية جدا تجسد الفرق المركزي والمحوري في قراءة استشرافية لذلك الصراع الداخلي المتناقض تناقضا كليا مع سمات التعددية الدينية التي تتسم بها منطقة الشرق الأوسط على مدار التاريخ.
من هنا جاء رد رئيس مجلس أوقاف القدس، سماحة الشيخ عبدالعظيم سلهب في كلمة له «جئنا من رحاب المسجد الأقصى المبارك تلبية لدعوتكم الكريمة، مؤكدين حرصنا وتمسكنا بالوصاية الهاشمية لرعاية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك الذي هو قبلتنا الأولى ومسرى جدكم المصطفى صلى الله عليه وسلم».
لذلك فإننا نحذر بكل وضوح بأن الكيان الصهيوني ينذر بافتعال معركة وتصعيد كبير، كما يهدد مجرموه باعتبار موعد الأعياد اليهودية خط أحمر ضد كل من يطالب بعدم اعتماد القرابين التلمودية، والتي سيقوم بعملها خلال هذه الأعياد من طقوس في باحات المسجد الأقصى، وهو ما يؤشر إلى عدم السماح لحراس المسجد الأقصى التابعين للأوقاف الأردنية بإيقاف الاقتحامات تحت يافطة الدخول السياحي للمستوطنين من باب المغاربة، وهي اقتحامات ممنهجة وهذا مؤشر سيجعل النار تشتعل تحت أقدامهم بأذن الله، ونحن على قناعة مطلقة بأن هذا التصعيد سيبدأ من أواس? الشهر الفضيل وحتى نهاية عيد الفطر السعيد، لذلك فأن ما يسرب هنا وهناك من إشاعات على تقسيم التهدئة بين الطرفين متفق عليه.. لذلك أكد جلالة الملك على أن الأردن ورغم التسريبات واوهام البعض بثقته بانتصار المقدسيين وهو مؤشر على ان الأردن جاهز للذهاب بعيدا في المواجهة حتى النصر بإذن الله عندما قال «نحن معكم للأبد وستنتصرون على كل التحديات التي أمامكم».
كل ذلك يأتي في سياق رفع لوتيرة الدعم الدولي والعربي للأشقاء الفلسطينيين وبوادر المصالحة العربية العربية والإقليمية العربية وخاصة مع ما تم تأكيده بأن المملكة العربية السعودية ستدعو سوريا الشقيقة إلى اجتماع القمة العربية في الرياض، وهذا ما سعى إليه الأردن من خلال التشبيك والتشابك الاقتصادي في المنطقة والذي مهد بكل وضوح إلى أهمية الالتفات لمراكز القوة في المواجهة الحتمية القادمة.
