خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

نحن وراواندا

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. هزاع عبد العزيز المجالي

القارئ للتاريخ لا بد أن يعلم أن نهضة الأمم لم تتحقق إلا بعد إعلائها لقيم العدالة والتسامح، وقد علمنا التاريخ أيضا أنه لا يوجد منتصر أو مهزوم دائما، وأن انحدار الحضارات سببه الإتكال والتواكل ورفض التغيير والتسليم والإستسلام، وخلافاً لنظرية (المناخات) في علم الإجتماع للفيلسوف الفرنسي (إميل دوركهايم) التي برر فيها لأسباب استعمارية لاسيما في (القارة الإفريقية).

تأثير الجغرافية والمناخ على نهضة وتقدم المجتمعات البشرية. فلقد شهدت مختلف قارات العالم بمختلف شعوبها حضارات بشرية، وشهد العالم أيضا في القرون الوسطى حالة من الانحدار الحضاري في أوروبا والصراعات العرقية والإثنية في حين كانت النهضة الحضارية العربية الإسلامية في الجزيرة العربية تغزو العالم بعد أن كان العرب قبل ذلك قبائل متفرقة متناحرة.

لقد عاشت أغلب القارة الإفريقية في القرون المنصرمة لأسباب عديدة أهمها الاستعمار الغربي حالة من الصراعات والحروب الاهلية ذات أبعاد عرقية وطائفية، كانت سببا في مقتل وتشريد الملايين من البشر، ولقد كان لجمهورية راوندا التي تقع في شرق وسط أفريقيا نصيب الاسد في هذه النزاعات العرقية بين اكبر مكوناتها الإجتماعية (قبائل الهوتو وقبائل التوتسي) أدت إلى تهجير ومقتل مئات الآلاف من السكان، وكانت تصنف هذه الدولة الأصغر في المساحة والسكان في افريقيا (27)كم و (15) مليون نسمة والأكثر فقرا وتخلفا ليس في افريقيا بل وفي العالم ?لقد شهدت هذه الدولة في تسعينيات القرن المنصرم أشد حالات الحروب الأهلية أدت إلى التهجير والإبادة الجماعية لقبيلة التوتسي، مما دفع بالأمم المتحدة والدول العظمى للتدخل ليتم التوصل بعد مفاوضات طويلة إلى تسوية سلمية لتداول السلطة بين هاتين القبليتين. وفي عام 2000 تم انتخاب الرئيس (بول كاجامي) الذي ينتمي لقبيلة التوتسي رئيس للبلاد والذي استطاع توحيدها وأن ينقلها إلى مسار المصالحة والوحدة، والتوجه بها نحو التنمية معلنا فيها كلمته الشهيرة «لم نأت لأجل الانتقام فلدينا وطن لنبنيه»، فاقر دستورا يلغي ويجرم الفوارق الع?قية وقام بانشاء نظام قضائي نزيه وشرع قوانين صارمة ضد العنصرية والتمييز ورسخ مبادى العدالة والمساواة على أساس المواطنة وحارب الفساد بلا هوادة لينقل البلاد رغم شح الموارد والثروات إلى معركة التنمية الإقتصادية والاهتمام بالتعليم وفتح افاق الاستثمار الداخلي والخارجي لاسيما في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة حتى اصبحت هذه الدول حديث العالم بعد تصنيفها الأول أفريقيا وكواحدة من أهم الاقتصادات الناهضة الجاذبة للاستثمار عالمياً، حيث بلغ متوسط النمو فيها ما يقارب 8% وهي تحتل المرتبة (44) عالميا والأول أفريقياً في م?افحة الفساد، وتعتبر واحدة من أفضل عشرة وجهات سياحية في العالم، وهنا لابد أن نشير إلى أن الناتج المحلي لهذه الدولة عام 1994 لم يكن يتجاوز (900) مليون دولار ليصل في عام 2022 (11) مليار دولار.

لقد أردت القول لأصحاب الأيادي المرتجفة عندنا ولأصحاب الأقوال دون أفعال الذين أوصلونا لما نحن عليه، أن دولة مثل راواندا قدمت للعالم درسا بأن ليس هناك شيء اسمه المستحيل شريطة توافر الرغبة والإرادة والرؤية والقيادة الحازمة والأهم أن يكون الوطن فوق الجميع.

المستشار القانوني وأستاذ القانون الدولي العام

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF