خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مقاربة نتنياهو لحل المشكلة الفلسطينية: هل يمكن أن تنجح؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية هو أطول رؤساء وزارات إسرائيل في الحكم، وما من شك في أنه سياسي ذكي، ومتكلم، ويجيد التعامل مع الرأي العام الغربي وبالذات الأمريكي منه حيث خدم في الولايات المتحدة ويعرف لوبياتها وقواها الاجتماعية النافذة، ولذا فإن ما يطرحه من أفكار وتصورات للتعامل مع المعضلة الفلسطينية يكتسب أهمية خاصة.

"المقاربة» التي يقدمها نتنياهو منذ زمن تقوم على ما يسميه السلام مقابل السلام (وليس السلام مقابل الأرض)، وبمعنى آخر فهو يؤمن بالسلام المفروض بقوة إسرائيل حيث هي غير مضطرة للتوافق مع الفلسطينيين على السلام مقابل تخليها عن الأرض للفلسطينيين ليقيموا عليها دولتهم، ولتحفيز الفلسطينيين على قبول هذا المُدخل لتحقيق السلام فإن نتنياهو يعد الفلسطينيين بتحسين نوعية حياتهم معيشياً تحت شعار ما يسميه «السلام الاقتصادي»، ولكن الجزء الأخطر في «مقاربة» نتنياهو أنه يريد التوصل إلى ما يسميه «السلام» مع الفلسطينيين من خلال التطبيع مع الدول العربية (يفتخر بأنه أنجز اتفاقيات تطبيعية مع العرب خلال مدة حكمه أكثر مما فعل أسلافه في سبعين سنة) بحيث يشعر الفلسطينيون في النهاية بالخذلان وبأنهم معزولون لا سند لهم وبالتالي يقبلون بصيغة «حكم ذاتي» لا أكثر ولا أقل!.

ولكن.... هل يمكن أن تنجح «مقاربة» نتنياهو هذه؟

إنّ من غير المرجح أن تنجح لأسباب عديدة أهمها:

أولاً: أنها لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل حريته وحقه في تقرير المصير منذ مئة عام تقريباً، وقد عبّر الفلسطينيون عن مقاومتهم بأكثر من أسلوب وكانوا مرنيين إلى درجة أنهم قبلوا بفكرة إقامة دولة لهم على حدود الرابع من حزيران (1967) وعاصمتها القدس الشرقية، ومعلوم أن مساحة هذه الدولة المنشودة لا تزيد عن (22%) من مساحة وطنهم الأصلي أيّ فلسطين التاريخية.

ثانياً: أن التطبيع حتى وإن نجح مع بعض الدول العربية (ست دول حتى الآن) فإنه لن ينجح مع كل الدول العربية التي ما زالت تصّر على أن السلام مع إسرائيل مرتبط بقبول المبادرة العربية لعام 2002 التي تنص على أن إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل مرهون بقبولها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود (1967) وعاصمتها القدس الشرقية، ولعلنا يجب ألّا ننسى أن نتنياهو يمكن أن ينجح بالتطبيع مع بعض الأنظمة الرسمية العربية، ولكنه لا يمكن أن ينجح في التطبيع مع الشعوب العربية التي لا يعرف أحد كيف يمكن أن تُعبّر عن إرادتها في رفض التطبيع الرسمي مع إسرائيل، الأمر الذي يجعل موضوع التطبيع غير مضمون على الإطلاق.

ثالثاً: أنّ مقاربة نتنياهو لا تتوافق مع الشرعية الدولية التي تتبنى «حل الدولتين» حتى الآن، بل إن الولايات المتحدة – وهي الداعم الرئيسي لإسرائيل – ما زالت تتبنى حل الدولتين. صحيح أنها لا تفعل شيئاً ذا بال لتنفيذ هذه الفكرة لكنها على الأقل لا توافق على تصور نتنياهو الذي يريد أن يلتف على الفلسطينيين من خلال العرب لتركيعهم وإجبارهم على «الحكم الذاتي» الذي يعني ببساطة بقاءهم تحت سطوة السيادة الإسرائيلية.

رابعاً: أنّ «مقاربة» نتنياهو تغلق الباب أمام أية بدائل معقولة (لحل الدولتين) قد ترضي الفلسطينيين، فقد سن نتنياهو قانون «يهودية الدولة» (2018) لكي يسّد الطريق أمام قيام «دولة ديموقراطية لجميع مواطنيها» بحيث يحظى جميع من يعيش على أرض فلسطين يهوداً وعرباً وغيرهم بحقوق متساوية، كما وصل نتنياهو بالاحتلال الإسرائيلي إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه من بطش بالفلسطينيين (24 شهيداً حتى الآن منذ بداية 2023) واستيطان أرضهم إلى درجة أن نُذر انتفاضة فلسطينية ثالثة أصبحت واردة بقوة، وبمعنى آخر فإن نتنياهو لا يؤمن «بحل الدولتين»، ولا يريد «دولة ديموقراطية لجميع مواطنيها»، ولكنه يريد «تأبيد» الاحتلال الإسرائيلي، واجتذاب الدول العربية للتطبيع مع دولته فهل هذا معقول؟.

خامساً: أنّ «مقاربة» نتنياهو قائمة على أن حكومته باقية إلى حين التطبيع مع دول عربية أخرى مهمة (على رأسها السعودية كما يأمل!) ولكن الجميع يعلم أن حكومته هشة من الداخل فهي مهّددة بإمكانية إدانته بالتهم الموجهة إليه (الغش، وخيانة الأمانة، والاحتيال)، وهي مهددة بانسحاب بعض اليمينين المتطرفين من حكومته (بن غفير زعيم القوة اليهودية، وسمورتش زعيم الصهيونية الدينية)، وهي مهددة بالمعارضة القوية التي أنزلت عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على تمرير ما يسميه «بالاصطلاحات القضائية» والتي ستعني إلحاق الجهاز القضائي بالسلطة التنفيذية (الحكومة التي تملك ولو أغلبية بسيطة بالكنيست) – الأمر الذي يعني الاضرار بمبدأ «الفصل بين السلطات»، وبخاصة في ضوء أن إسرائيل ليس لها دستور، كما أنه ليس لديها غرفة ثانية للتشريع.

باختصار، إنّ مقاربة نتنياهو غير عملية، وغير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وليس له إلا يتبنى «مقاربة» أخرى تستجيب ولو للحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني، وبذا يريح نفسه، ويريح الإسرائيليين، ويريح الفلسطينيين، ويريح العالم!.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF