يرتبط الاحتفال بعيد الميلاد عالمياً بالعديد من السلوكيات الشرائية التي ينتهجها المستهلكون وذلك عبر التسوق وشراء الهدايا والديكورات والحلويات والاحتفالات والطعام والشراب وغيرها من المظاهر التي تشكل كلفة حقيقية من الدخل. وفي حين أن موسم العطلات يعد نعمة للعديد من تجار التجزئة إلا أنه يرتب عبئاً مالياً على الآخرين الذين لا يستطيعون مواكبة الطلب. إن معظم الشركات تبيع المزيد من المنتجات خلال موسم العطلات مقارنة بأجزاء أخرى من العام، فلولا عيد الميلاد فلن تحتاج الشركات إلى توظيف العديد من الموظفين لإنتاج هذه المنتجات. وفيما يعتقد البعض في أن عيد الميلاد هو وقت لمنح الأطفال ألعاباً أو ملابس جديدة فهذا يعني أيضًا أن الاقتصاد يجب أن ينتج المزيد من المنتجات من أجل تلبية هذا الطلب. في الواقع، يشهد العالم أعلى معدل تضخم في أربعة عقود بالإضافة لمشكلات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وهذا ما يؤثر على طرق الانفاق بشكل مباشر.
قد تكون تكلفة عيد الميلاد أكثر تكلفة مما قد يعتقده الكثيرون فإذا كنت تبحث لمعرفة تكلفة عيد الميلاد فإن متوسط إنفاق الأسرة الأمريكية مثلاً يمكن أن يصل هذا إلى 1200 دولار في الموسم بغض النظر عن كيفية صرف المبلغ ما بين الهدايا والملابس والديكورات وغيرها. إنَّ المبلغ الذي ينفقه أي شخص خلال موسم العطلات لا يعتمد فقط على دخله أو مدخراته فحسب ولكن في استمراره في العمل للفترة المقبلة، حيث يمكن أن يكون التسوق خلال العطلات تجربة مرهقة ومحبطة للأشخاص ذوي الدخل المنخفض باعتمادهم على بطاقات ائتمان، والقنوات الالكترونية التي تبيع المنتجات بتكلفة أقل في بعض الأحيان. ومع ذلك فهذا لا يعني أن هؤلاء الأفراد لا يشاركون في احتفالات الأعياد بل يحاولون ذلك عن طريق شراء سلع أقل تكلفة. وتجد الدراسات بأن المانحين يبالغون بشكل منهجي في أهمية القيمة النقدية الحالية للهدية، لذلك قد يكون أحد الحلول لمشكلة الرفاهية المحتملة هو اختيار الهدايا الأقل سعراً والمتواضعة، أو تقديم النقود كحلٍ آخر فعال اقتصاديًا رغم عدم تماشيه مع كافة الثقافات.
وبحسب صحيفة فاينانشيال تايمز فإن التكاليف ارتفعت بنسبة 14 في المئة منذ العام الماضي حيث يعاني المستهلكون أيضًا من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض الأجور الحقيقية، لذا عليهم الحذر لمواجهة ارتفاع التضخم وأسعار الطاقة وأسعار الفائدة. لذا كان المستهلكون عالمياً عازمين على تأخير إنفاقهم بسبب ظروف عدم التأكد بشأن أوضاعهم المالية، إذ سيعملون على ترشيد إنفاقهم ويكونون أكثر صرامة أكثر من أي وقت مضى. فيما يتمتع المستهلكون من ذوي الدخل المرتفع وأصحاب الثروات بقدرة شرائية أعلى وبرغبتهم على تحقيق الإنفاق الانتقامي للتعويض عن عامين من اضطراب عيد الميلاد الناجم عن الوباء. برأيي، برغم التأثير الاجتماعي والتكاليف المرافقة لعيد الميلاد إلا أن العالم يحتاج للفرح والسلام الدائمين.